كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
ارتفع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي متجاوزًا مستوى 1.2700 لكنه عاد ليتداول بالقرب من 1.2693 اليوم الجمعة، مما يعكس برأيي مزيجًا من التطورات الاقتصادية والجيوسياسية التي أدت إلى زخم صعودي للجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي. وهذا الارتفاع يعبر عن عوامل أساسية متشابكة، حيث تتباين اتجاهات السوق على السياسة النقدية لكل من بنك إنجلترا والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مع عوامل أخرى مثل المخاطر الجيوسياسية وظروف السوق العالمية.
ومن وجهة نظري، ضعف الدولار الأمريكي يُعد العامل الأبرز في دفع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار إلى مستويات مرتفعة جديدة، حيث إن التوقعات بخفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة في ديسمبر تغذي الضغوط على الدولار. وتسعير الأسواق لاحتمالية تخفيض الفائدة بنسبة 70% يعكس تحولات مهمة في السياسة النقدية الأمريكية، خاصة بعد بيانات التضخم الأخيرة التي أشارت إلى استقرار الضغوط التضخمية. وهذا التصور يعزز القناعة بأن الفيدرالي قد يسعى لتخفيف القيود النقدية للحفاظ على الزخم الاقتصادي، مما يضع الدولار الأمريكي تحت ضغط إضافي.
من جانب آخر، تزداد قوة الجنيه الإسترليني مدعومًا ببيانات اقتصادية إيجابية من المملكة المتحدة، حيث أظهرت مؤشرات التضخم الأساسي تسارعًا في أكتوبر. هذه البيانات دفعت المستثمرين إلى تقليص توقعاتهم بخفض الفائدة من قبل بنك إنجلترا، مما ساهم في تعزيز الطلب على الجنيه. علاوة على ذلك، التفاؤل بشأن استقرار الاقتصاد البريطاني في وجه التحديات العالمية يرفع التوقعات بمرونة السياسة النقدية البريطانية مقارنة بنظيرتها الأمريكية.
ورغم هذه العوامل الإيجابية، أعتقد أن هناك عوامل محتملة قد تحد من الارتفاع المتواصل لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار. أولاً، التوترات الجيوسياسية المتصاعدة ومخاوف الحرب التجارية، والتي تدعم الطلب على الدولار الأمريكي كملاذ آمن. وفي ظل هذه الظروف، يستفيد الدولار من وضعه كعملة احتياطية عالمية تُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين.
ثانيًا، السياسة الاقتصادية التي يعتزم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تطبيقها، والتي تشمل توجهات توسعية قد تعزز التضخم. هذه العوامل قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى التريث في تخفيف السياسة النقدية، ما يخلق نوعًا من التوازن بين الضغط على الدولار والدعم الذي يحصل عليه من المخاطر الخارجية.
ومن وجهة نظري فالارتفاع الحالي لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار يطرح تساؤلات حول إمكانية استدامته في ظل العوامل المتداخلة التي تحرك الأسواق. وهنا أقول أن تجاوز الزوج مستوى 1.2700 يمثل تطورًا مهمًا قد يشجع المزيد من الشراء، لكن وجود مقاومة محتملة عند مستويات أعلى يجعل من الضروري مراقبة استجابة السوق للتطورات المقبلة. وإذا استمرت التوترات الجيوسياسية أو ظهرت إشارات جديدة تشير إلى سياسة نقدية أكثر تشددًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي، فقد يواجه الجنيه الإسترليني تحديات كبيرة للحفاظ على مكاسبه.
كما يُظهر هذا المشهد المركب بالنسبة لي أن الأسواق تبقى مرهونة بالتغيرات السريعة في البيانات الاقتصادية والسياسات النقدية والتطورات الجيوسياسية. وبناءً على ما سبق، يبدو لي أن تحقيق مزيد من المكاسب يعتمد على استمرار ضعف الدولار الأمريكي وتفوق الأداء الاقتصادي البريطاني. مع ذلك، يجب على المستثمرين أخذ الحذر، حيث إن أي تحولات مفاجئة في الظروف الأساسية قد تعيد تشكيل اتجاه الزوج بشكل كبير.