استقطب مؤتمر “الذكاء الاصطناعي من الجاهزية إلى النمو المتسارع”، الذي نظمه معهد تصميم البيانات الرقمية في جامعة هارفارد (D^3) في متحف المستقبل بدبي اليوم الجمعة 13 ديسمبر 2024، نخبة من القيادات العالمية والباحثين والمبتكرين لتناول التحديات والفرص التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأكد الحدث، الذي ركز على التعلم والتبني والتحول، على الدور الحيوي للذكاء الاصطناعي في صياغة مستقبل القطاعات والمؤسسات والمجتمعات.
في جلسة حوارية في افتتاح المؤتمر، تحدث معالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، عن مسيرة النهضة التي عاشتها دولة الإمارات، قائلاً: “كان تركيز الآباء المؤسسين ينصب على الناس وتوفير المتطلبات الأساسية وعلى رأسها التعليم متوازياً مع الاهتمام بتطوير البنية التحتية الملائمة، أي ضمان التوازن المستدام بين التنمية البشرية والمادية. واليوم ، نواصل البناء على هذا الإرث من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين حياة كل شخص الآن، وفي الأجيال المقبلة”.
وأوضح معالي العلماء أن إستراتيجية الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات تعتمد على ثلاث ركائز، إذ بدأت بتخصيص الاستثمارات الأولية في البنية التحتية والتشريعات واللوائح والقدرات الحكومية. وفي السنوات الأخيرة، نشرت الدولة استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاعات مهمة، بما في ذلك الطاقة والتعليم والصحة والأمن السيبراني، مع تنفيذ أكثر من 147 تطبيقاً حكومياً. وبحلول عام 2031 ، تهدف دولة الإمارات إلى ترسيخ مكانتها بصفتها رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي مع التركيز على التأثير الملموس والمدروس وتحسين جودة الحياة.
وشدد معاليه على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مفيدة للإنسان، مشيراً إلى أن الإمارات “تركز على جودة الحياة، ولا ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة مدمرة؛ بل يجب أن يندمج بسلاسة في حياتنا لجعلها أفضل. وعلى سبيل المثال، تستخدم مطارات الإمارات العربية المتحدة الآن تقنية التعرف على الوجه التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لضمان عمليات سريعة وفعالة، حتى خلال مواسم السفر الأكثر ازدحاماً. هذه تقنية تعمل بهدوء وفعالية لتحسين تجربتك”.
وفي حديثه عن القطاعات الرئيسية لتطبيق الذكاء الاصطناعي ، أكد معالي العلماء على دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل البنية التحتية، مشيراً إلى أن السنوات ال 50 الماضية شهدت تخصيص موارد هائلة لبناء الطرق والجسور والأنفاق. والآن، يتيح الذكاء الاصطناعي توفير ما يتراوح بين 5 إلى 25 في المائة من ميزانية المشاريع الكبيرة نظراً لتعزيز السلامة والكفاءة والسرعة. وقال:” سواء كان الأمر يتعلق بتحسين تدفقات حركة المرور عبر الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أو ضمان السلامة في المشاريع التي تبلغ قيمتها مليار دولار، فإن الذكاء الاصطناعي يساعدنا في بناء أكثر ذكاءً وأسرع وأكثر استدامةً”.
ورغم صعوبة التكهن بتفاصيل مستقبل تطور الذكاء الاصطناعي، قال معالي عمر العلماء إن هذه التقنيات قادرة على تعزيز قدرة الإبداع البشري وتسريع التقدم المجتمعي، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي يتيح للناس التعبير عن أنفسهم بطرق لم تكن متاحة لهم من قبل، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تأليف الموسيقى أو تطوير الفنون بهذا المستوى، وهو ما يعتبر دليلاً على قدرة من يمتلكون المرونة والسرعة في المواكبة على تحقيق النمو والازدهار في عصر الذكاء الاصطناعي”.
تعكس إستراتيجية دولة الإمارات الالتزام بتحقيق التوازن بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لحل التحديات المجتمعية المعقدة مع مراعاة الاعتبارات القيمية والأخلاقية. واختتم معالي العلماء مشاركته بقوله: “الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة للتقدم، بل هو رفيق في مستقبل البشرية، ويجب علينا استخدامه بمسؤولية لضمان غد أكثر إشراقا للجميع.”
شهد المؤتمر كلمة رئيسية ألقاها كريم لاخاني، رئيس معهد تصميم البيانات الرقمية في جامعة هارفارد (D^3) وأستاذ إدارة الأعمال بكلية هارفارد للأعمال، الذي أعلن إطلاق تطبيق مؤتمرات مبتكر باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لأرشفة المؤتمرات، بالإضافة إلى دورة تدريبية رائدة عبر الإنترنت للذكاء الاصطناعي، موضحاً أنها صممت “بواسطة الذكاء الاصطناعي من أجل الذكاء الاصطناعي”.
وقال كريم لاخاني إن ” التحدي الأول يكمن في تعلم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، خاصةً بالنسبة لقادة الأعمال، حيث يجب أن يفهموا هذه التقنيات من أجل دعم تبنيها وتوظيفها، وهنا يكمن التحدى الثاني، فمعرفة الأهمية فقط ليست كافية بل يجب دمج الذكاء الاصطناعي في سير العمل اليومي، وأخيراً، فإن التحول إلى التقنيات هو السبيل لتحقيق نتائج مثمرة. وتوضح الدراسات مكاسب مذهلة في الفاعلية والكفاءة بنسب تتراوح من 30 إلى 99 في المائة، لكن الأهم هو توسيع نطاق التوظيف من أجل تحقيق مكاسب ملموسة للعملاء والناس”.
في كلمته الافتتاحية، سلط السيد/صالح لوتاه، رئيس نادي كلية هارفارد للأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي الضوء على الدور الحيوي لدول مجلس التعاون الخليجي في توظيف الذكاء الاصطناعي. وأكد على أهمية المؤتمر في مناقشة البنية التحتية المستقبلية، مشيداً برؤية القيادة الحكيمة لدولة الإمارات في التركيز على اعتماد توظيف الذكاء الاصطناعي بصورة مؤثرة. و قال “يشكل مؤتمر الذكاء الاصطناعي من الجاهزية إلى النمو المتسارع منصة مهمة لتسريع التحول. نحن نهدف إلى تعزيز قيم هارفارد التي تتمثل في المعرفة والابتكار والتنمية مع خلق تأثير واضح في المنطقة. تضم المنطقة أكثر من 1500 من خريجي هارفارد، وعدداً كبيراً من المفكرين والمؤثرين في الحكومة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، ولدينا جميع الموارد اللازمة لصياغة مستقبل أفضل”.
وأضاف: “حسبما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، “أينما تجتمع العقول العظيمة اليوم، تصنع ابتكارات عظيمة غداً، فالبشر بأفكارهم وإبداعاتهم وأحلامهم وترابطهم هم ثروة مستقبلنا”. وأدعو كل فرد ومؤسسة وجهة حكومية على التفكير في كيفية صنع الفرق، وإطلاق مبادرات ذات أثر ملموس، والاستفادة من هذا الحدث المهم لبناء مستقبل أفضل، ويمكننا معاً أن نفعل المزيد”.
شارك في مؤتمر “الذكاء الاصطناعي من الجاهزية إلى النمو المتسارع”، الذي نظم بالتعاون مع نادي كلية هارفارد للأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي ومعهد الابتكار التكنولوجي، أكثر من 400 من القيادات من جهات بحثية وعلمية ومؤسسات اقتصادية