ألقى رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالمRDCL World الدكتور فؤاد زمكحل محاضرة في غرفة التجارة والصناعة الكندية اللبنانية في مونتريال، كندا، في حضور أعضاء مجلس إدارة الغرفة التي يترأسها السيد يوسف بطرس، ونخبة من رجال الأعمال اللبنانيين – الكنديين، رسم خلالها صورة الأوضاع الإقتصادية الراهنة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن التوقعات والمخاطر والفرص المستقبلية في فترة 2017 و2018، ولا سيما في البلدان التي تشهد إضطرابات سياسية، أمنية وتالياً إقتصادية ومالية، مثل سوريا، ليبيا، اليمن، العراق، مصر، إيران، قطر، وغيرها.
وإذ دعا زمكحل، رجال الأعمال الكنديين من أصل لبناني إلى «الإنضمام إلى منصة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم RDCL World»، خاطبهم قائلا: «ثقوا ببلدكم ولا تنسوا هويتكم اللبنانية، إذ إن سر نجاح اللبنانيين في العالم هو سرعة التأقلم مع الأزمات ومثابرتكم وإبتكاراتكم»، وقال زمكحل: «لقد نجحنا كلبنانيين فردياً.. لكن علينا الآن أن ننجح جماعياً، وهدفنا بناء «لوبي إقتصادي لبناني – عالمي».
وأضاف قائلاً «إن تفاقم الأزمات السياسية والدستورية في لبنان أدى إلى بروز أزمات إقتصادية وإجتماعية غير نمطية نجم عنها تخوف مستثمرينا في الداخل والخارج، مما دفعهم إلى تهريب رؤوس أموالهم إلى البلدان الأكثر إستقراراً، وإرتفاع حجم البطالة الجامحة على نحو كبير ومستدام (ومثير للقلق)، وهجرة أدمغتنا، والتأثير السلبي على جميع قطاعاتنا الإنتاجية (التجارة والصناعة والقطاع المالي والسياحة والبناء وغيرها)، كذلك أدى هذا الوضع السلبي إلى إرغام مراكز القرار لدينا على الإنحناء وهي كانت تشكـّل العمود الفقري لإقتصادنا».
وقال: «لطالما كانت سوق الشرق الأوسط شريكاً مميزاً في لبنان وستظل كذلك بالفعل، وقد ساهمت في تنمية بلدنا داخلياً، لكن أظهرت السنوات الأخيرة بوضوح أنه عندما نختبر مقاطعة أمنية أو سياسية من قبل شركائنا العرب، أو عندما يمرون بأزمات إقتصادية صعبة اثر هبوط أسعار النفط، يتأثر إقتصادنا وتدفع الشركات لدينا ثمناً باهظاً خارجاً عن إرادتها. ومن الواضح أن رجال الأعمال اللبنانيين في العالم في جميع القطاعات وكذلك المستثمرين، يبحثون عن أسواق جديدة ذات قدرات عالية ونمو مرتفع».
وخلص زمكحل في محاضرته إلى «أن سر نجاح رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم وتميزهم يكمن، ليس فقط في الذكاء والمعرفة، وهذه عناصر ضرورية للنجاح، إنما في قدرة هؤلاء على التكيف مع الأزمات ومواجهة المخاطر، والصمود لجبه المشكلات الطارئة في جميع أنواعها، والإبداع في العمل»، مؤكداً «وجوب أن يركز قادة الشركات الصغيرة والمتوسطة في كافة الدول، على إبداع هذه الشركات ومنتجاتها المتعددة الأوجه والتي تركز على تنفيذ إستراتيجية ثلاثية الأبعاد تعتمد على منتجات وخدمات جديدة، والوصول إلى مختلف الأسواق والعملاء من خلال تطوير الأسواق عالمياً، وتفويض بعض المسؤوليات للموارد البشرية المؤهلة، من ذوي الخبرات العالية والمتخصصة من جميع أنحاء العالم»، داعياً إلى «بناء شراكات متميزة، وخلق التآزر. فنحن بحاجة إلى أن نتبادل المعرفة والخبرات، حتى أن كل واحد منا يمكن أن يعمل على تنويع أنشطته على نحو مستقل بالتعاون مع نظام تحالف إستراتيجي قصير الأمد، ومن ثم على المديين المتوسط والطويل بغية تجاوز إدارة المخاطر».
واشار زمكحل قائلاً: «إن لبنان يمر في واحدة من أصعب الفترات (سياسياً، إقتصادياً، إجتماعياً، أمنياً، محليا وإقليمياً)، حيث لا يزال يحجم المستثمرون المحليون، الإقليميون والدوليون عن الإستثمارات في لبنان مما ينعكس سلباً على الإقتصاد اللبناني، ويُوجب علينا كرجال وسيدات أعمال لبنانيين في العالم أن نتخذ التدابير التصحيحية حيال ضعف الأداء وتصحيح نقاط الضعف في إقتصاداتنا، بغية تأسيس البناء على النجاحات ونقاط القوة».
ورأى «أن العالم تغير من حولنا بسرعة مذهلة، وعلى نحو يصعب معه التنبؤ بالعواقب المرتقبة. فالإقتصادات العالمية، الأميركية، الأوروبية، العربية، فضلاً عن الإقتصادات الإقليمية في تغير مستمر، حيث يقع هذا التغيير في «قلب» عملية إعادة هيكلة هذه الإقتصادات، وتالياً سياسات الدول الفاعلة مثلما يحدث في الوقت الراهن في الولايات المتحدة الأميركية (سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب) وفرنسا (سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون). علماً أننا حتى هذه الساعة لم نتلمس الرؤى والإستراتيجيات التي يرسمها هذان الرئيسان..».
وبعدما عرض معاناة لبنان عام 2016 «حيث لم يتجاوز النمو الإقتصادي نحو 1.5% أو حتى أقل، في ظل إستمرار الفراغ في سدة الرئاسة اللبنانية الأولى (حتى إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية في 31 تشرين الأول 2016)، وتراجع أرقام السياح، والإستثمارات في معظم القطاعات الإقتصادية ولا سيما في القطاع العقاري، فضلا عن تفاقم البطالة والصرف الجماعي للموظفين والعمال من الشركات والمؤسسات التي تقلص إنتاجها»، شدد على «أن الحرب في سوريا والتي تدور رحاها منذ عام 2011، تركت تداعياتها على لبنان ولا سيما إقتصاده الوطني، حيث تحدنا الأراضي السورية من الشمال والشرق».
كما أشار: «لقد أثّرت الحرب السورية على إقتصادنا، أمننا، ميزانيتنا والتوازن الإجتماعي لدينا، جراء النزوح السوري الكثيف على أراضينا (نحو مليون ونصف مليون سوري)، مما ترك ضغطاً كبيراً على البنية التحتية في لبنان (كهرباء، مياه، إتصالات، مستشفيات، مدارس، تعبيد طرق وغيرها)، فضلاً عن تزايد عدد اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر».
وشدد الدكتور فؤاد زمكحل على «أن مشكلة اللجوء السوري في لبنان، بلا تردد هي الضاغط الأكبر على إقتصادنا اللبناني. علما أنني أخشى من المزيد من الهجرات الجماعية السورية نحو لبنان، في ظل توجه الصناعات والتجارات والاستثمارات السورية نحو الإمارات ومصر والعراق والسعودية، وعدد قليل جداً نحو لبنان، فضلاً عن الدعم الدولي الذي يصيب السوريين على الأراضي اللبنانية، ويستثني الطبقات اللبنانية الفقيرة»، معتبراً «أن تكلفة إعادة إعمار سوريا لن تكون أقل من 500 مليار دولار، مما يشجع المستثمرين اللبنانيين ورجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم إلى التوجه نحو سوريا (عندما يعود السلام إلى ربوعها) للمشاركة الفاعلة في إعادة إعمار هذا البلد».
وبعدما تناول في محاضرته، الأوضاع الإقتصادية الراهنة في مصر، العراق، الإمارات، السعودية، قطر فإيران، تحدث زمكحل عن الحرب الدولية والإقليمية الباردة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، الإتحاد الروسي، وتالياً إيران، تركيا، والسعودية، وهي تنعكس صراعات عسكرية في سوريا، العراق، ليبيا، اليمن، فضلاً عن تقهقر النمو في المنطقة العربية عموماً في ظل إنخفاض أسعار النفط».
وخلص إلى «أن لبنان لا يزال البلد الواعد في المنطقة، إذ يعمل على تطوير مجالات الإتصالات والتكنولوجيا (IT)، والطاقة المتجددة، والخدمات، ومجال الغذاء والقطاع الطبي وشبه الطبي. علماً أن مصرف لبنان المركزي كان أصدر أخيراً التعميم 331 الذي يفتح الطريق أمام تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما يدفعها إلى النمو ومواجهة الركود الإقتصادي الحاصل. كذلك أن التجمع اللبناني العالمي RDCL World يتعاون مع مصرف لبنان للمشاركة في خطة عمل مشتركة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر (التي تشكل نحو 86٪ من المجتمع اللبناني) والتي يجب أن يُنظر إليها على أنها المحرك الرئيسي لإقتصاد بلدنا الصغير»، ملاحظاً «أن لدينا قوة إحتياطات في البنك المركزي من العملات الأجنبية بلغت مستوى قياسياً (نحو 38 مليار دولار)، في حين لا تزال إحتياطات الذهب تبلغ نحو 13 مليار دولار رغم الإنخفاض الأخير في الأسعار العالمية لهذا المعدن».
أخيرا ختم زمكحل قائلاً: «نستعد من خلال قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP’s) الذي بات في مرحلته النهائية، لخلق تحالفات إستراتيجية بغية إنشاء مشاريع الشراكة التي تدر عائدات عالية جداً لصالح الإقتصاد»، مفضلاً عدم الخوض في موضوع «مغامرة النفط» في لبنان لأن الطريق طويلة حياله بغية إستخراجه وتقسيم «الجبنة» على الأفرقاء المستفيدين.
مشاركة في مجلس الإدارة الإستراتيجي للجامعات الفرنكوفونية في العالم
في اليوم الثاني من البعثة الإقتصادية إلى مونتريال، كندا، شارك رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم RDCL World الدكتور فؤاد زمكحل، في مجلس الإدارة الإستراتيجي للوكالة الجامعية للفرنكوفونية AUF التي تضمّ 845 من الجامعات الفرنكوفونية في العالم.
في هذا السياق، شدد الدكتور زمكحل أمام المجتمعين وهم نخبة من المسؤولين في البلدان الفرنكوفونية في العالم، على «أهمية الدراسات الأكاديمية في الجامعات، وبناء الجسور بين الجامعات والشركات في الدول الفرنكوفونية، فضلاً عن أهمية قدرة اللبنانيين وثقافتهم العالية إذ يتقنون اللغتين الفرنسية والإنكليزية إلى جانب لغتهم العربية»، مطالباً بـ «خلق التآزر بين رجال الأعمال والطلاب اللبنانيين في العالم، ونظرائهم في بقية بلدان العالم، ولا سيما في دول الإنتشار اللبناني، بغية بناء مشاريع مبتكرة وبنّاءة بالتنسيق مع الأساتذة الجامعيين».
وخلص في كلمته إلى «أهمية الإختراعات والإبتكارات والإبداعات كمحرر أساسي للإقتصادات في البلدان الفرنكوفونية»، مشيراً إلى «أهمية إعادة تأهيل الجامعات والشركات الخاصة لمواجهة التغيرات الإقتصادية والإجتماعية، والثقافية والتربوية العالمية».
أبرز التوصيات
خرجت الوكالة الجامعية للفرنكوفونية AUF بسلسلة توصيات إثر إجتماع مجلس الإدارة الإستراتيجي للجامعات الفرنكوفونية في العالم، أبرزها: المساهمة في إنتاج سلسلة كاملة من المؤهلات العليا، مع مراعاة الإحتياجات الاجتماعية والاقتصادية المحلية والوطنية. علماً أن الـAUF تحبّذ تحسين تحليل الإحتياجات من المهارات التي يجب أن يستجيب لها التدريب، وتشجيع الطلبة على التسجيل في الجامعات الفرنكوفونية التي تشهد إقبالأ منخفضاً، والمساهمة في تطوير دورات التدريب المهني، مثل إشراك رجال الأعمال في تدريب الطلبة وغيرها.
يُذكر أن الوكالة الجامعية للفرنكوفونية (AUF) هي جمعية دولية رائدة لمؤسسات التعليم العالي والبحث الفرنكوفونية، وهي تضم 845 عضواً من أكثر من 111 دولة. علماً أن إستراتيجية 2017-2021، التي إعتُمدت في الجمعية العامة للوكالة في مراكش – المغرب، في مايو/أيار 2017، والتي شارك فيها الدكتور فؤاد زمكحل، تبنّت كأولويات، تحسين نوعية التعليم وفرص العمل والتوظيف لخريجي الدراسات العليا.