ضومط: لو كانت معامل الترابة تتسبب بالسرطان لكانت أقفلت في كل دول العالم
دشّنت شركة الترابة الوطنية- إسمنت السبع اليوم الجمعة جهاز “فلتر” حديثاً يخفض انبعاثات الغبار من 27.5 ملغ في المتر المكعب العادي إلى 15 ملغ في المتر المكعب العادي، أي إلى نصف الحد الاقصى الذي سيعتمد في أوروبا السنة المقبلة، علماً أن المعدلات القصوى المسموح بها في لبنان حالياً تبلغ 150 ملغ في المتر المكعب العادي، والمعدلات الأوروبية تبلغ اليوم 50 ملغ في المتر المكعب العادي وستخفض إلى 30 في 2018. وشددت الشركة على أن تركيب “الفلتر” الجديد يندرج ضمن “خطط التطوير الدائم”، مؤكدة أن الإنبعاثات كانت أيضاً أدنى بكثير من المعدلات المسموح بها خلال فترة العمل بـ”الفلتر” السابق الذي تم تركيبه في العام 1998. وإذ أكدت أنها تعمل مع وزارة البيئة على “تسريع إعادة تأهيل” المناطق المستثمرة وزرعها، استمراراً لما بدأته في العام 1999، طمأنت إلى أن معامل الترابة لا تتسبب بالسرطان، ولو كانت كذلك لكانت أقفلت في كل دول العالم.
وحضر عدد كبير من النواب والوزراء والفاعليات المحلية الإحتفال باستبدال “فلتر” ESP الحالي بآخر من نوع الكيس (Intensive Bag filter) الألماني المنشأ، والمصنّع وفقاً لأحدث التقنيات الألمانية، بتمويل من مشروع مكافحة التلوث الببيئي في لبنان (LEPAP) في وزارة البيئة.
خبير ألماني
وبعد جولة على بعض أقسام المصنع وشرح عن مراحل تركيب “الفلتر” الجديد وتقنية عمله مقارنة بالقديم، تحدّث الخبير الألماني الدكتور فولكر هونيغ من معهد البحوث الالماني للاسمنت (VDZ)، ففنّد بعض الإنتقادات التي توجّه إلى مصانع الترابة، مستنداً إلى مقارنة مع دراسات تتعلق بهذه الصناعة في أوروبا، فأكّد أن “لا دليل في ألمانيا على أنّ إنتاج الإسمنت يسبّب السرطان”.
وبالنسبة إلى الفحم البترولي وثاني أوكسيد الكبريت الـSO2، أشار إلى أن الفحم البترولي يستخدم في عدد كبير من معامل الإسمنت في أوروبا، لاسيّما في جنوبها، سواء جزئياً أو حتى بنسبة 100 في المئة. وأوضح أن “انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت من معامل الإسمنت ليست ناتجة من الكبريت في الوقود، ولذلك، فإنّ انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت من معامل الإسمنت تتم مراجعتها فقط في المدخنة”. وأكد أن “لا قيود مفروضة على مستوى الكبريت في الفحم البترولي المستعمَل قي أفران شركات الإسمنت في أوروبا”.
وفي ما يتعلق باستخدام وقود بديل ، شرح أن “معامل الإسمنت الألمانيّة تستخدم ما يزيد على 65 في المئة من الوقود البديل، وبعض المعامل تستخدم ما يزيد على 90 في المئة”، مشيراً إلى أن “معدّل الاستبدال في أوروبا هو نحو 40 في المئة”.
وعن مأخذ قرب معمل الترابة من المناطق السكنية، أوضح أن “كل معامل الإسمنت في ألمانيا تقريباً تقع في مناطق مجاورة للمدن والقرى”.
متّى
وتحدث جوزف متّى من معهد البحوث الصناعية فقال إن المعهد يجري عمليات تدقيق بيئي على مصنع شركة الترابة الوطنية، بموجب وثيقة تعاون مع ألمانيا، مشيراً إلى أن “التحليل والكشف الدوري على المصنع أظهر نتيجة جيّدة جداً، وأن تحسّناً في وضع الإنبعاثات يسجّل بشكل دائم منذ العام 2004 وحتى اليوم”.
وأضاف: “تمّ تشكيل لجنة في حزيران 2015 من قبل وزير الصناعة ضمّت وزارة البيئة والأشغال وغيرها مهمّتها الدراسات والأبحاث من أجل تطوير الصناعة، وتمّ البحث في معامل شكا والمنطقة الصناعيّة هنا وتطويرها ومعالجة القضايا البيئيّة والحرص على التزام المصانع بكل المستلزمات البيئيّة التي يفترض توافرها”.
بيار ضومط
ثم تحدّث ضومط، فردّ على “الكلام السلبي عن أداء شركات الترابة في شكا”، وأقّر بأن شركة الترابة الوطنية “لم تستطع أن تبرز بالطريقة الفضلى ما حققته من إنجازات على مدى الأعوام الأربعة والستين من وجودها”، ومنها التنمية الاقتصادية.
وذكّر بأن “الفلتر الأساسي الموجود في خط الإنتاج الرئيسي للشركة، والذي تمّ إستبداله، كان من أحدث الطرازات في العام 1998 وكانت إنبعاثات الغبار أدنى من المعدلات المحددة في لبنان واوروبا وقت إنشاء هذا الفلتر وما زالت إلى تاريخه”.
وأوضح أن “المعدلات القصوى اللبنانية في الوقت الراهن محددة على 150 ملغ في المتر المكعب العادي (mg/Nm3) من الغبار، أما الفلتر المستبدل فقد بلغ معدّل 27 ملغ في المتر المكعب العادي طوال مدة خدمته في حين أن فلتر الأكياس الجديد يبلغ معدّل 15 ملغ في المتر المكعب العادي”. وأشار الى أن “المعدلات الأوروبية لإنبعاثات الغبار محددة اليوم بـ 50 ملغ في المتر المكعب العادي و30 في 2018، أي ان الفلتر الجديد تصل إنبعاثاته إلى 50 في المئة من الحد الاقصى المسموح في أوروبا إبتداءً من العام المقبل”.
ووصف تركيب الفلتر الجديد بأنه “إنجاز مهم”، مشدداً على أن الشركة لا تُمَنن أحداً بهذا الإنجاز، وقال: “من واجبنا إدخال التكنولوجيا المتطورة وتحديث معملنا بإستمرار”.
وأضاف: “إستحصلنا على شهادة ISO سنوية صادرة من معهد البحوث الالماني للاسمنت والـ IRI (معهد البحوث الصناعية اللبناني) لإدارة الجودة منذ 1998، وشهادة ISO سنوية لإدارة النظام البيئي منذ 2004 وشهادة سنوية للصحة والسلامة OHSAS في مكان العمل منذ 2012 ، وهو واجبنا”.
وتابع: “في السنتين ونصف السنة الأخيرتين، حاولنا جاهدين للإستحصال على التراخيص الآتية: إنشاء حزام ناقل للمواد الأولية في المقلع للحدّ من إنبعاثات الغبار الصادرة من شاحنات النقل بنسبة 90 في المئة، وإنشاء مستودع تخزين للكلينكر يسمح بالتخزين بطريقة صديقة للبيئة، وإنشاء مستودع تخزين للفحم البترولي (بتروكوك) يسمح بالتخزين بطريقة صديقة للبيئة، واستبدال فرنين قديمين بفرن واحد حديث، واستبدال خمسة مولّدات ديزل قديمة بمولد واحد حديث، واستبدال خمس مطاحن بمطحنة واحدة حديثة”.
وأضاف: “غاية هذا الإستثمار ليس زيادة الإنتاج بل التحديث بطريقة مستدامة، ففي القطاع الصناعي عدم التحديث يؤدي الى الزوال”. لكنه أسف لأن “الإستحصال على التراخيص القانونية أصبح شبه مستحيل”.
وإذ شدد ضومط على أن هدف “ترابة االسبع” هو “تكوين حالة من التواصل جيدة ومستدامة مع المجتمعات المدنية المحلية”، قال: “لو كانت معامل الإسمنت تسبب مرض السرطان، لكانت أقفلت كل المعامل في أنحاء العالم كما حدث في معامل الأسبستوس/الأميانت/ الإترنيت”.
وأكّد ضومط اهتمام االشركة بـ”معالجة التشويه الناجم عن العمل في المقلع، كما يحصل في العديد من بلدان العالم”. وأضاف: “منذ عام 1999 ونحن نقوم بإعادة تأهيل مناطق كانت قد إستثمرت، وقد نمت فيها أشجار الكينا الى درجة لم يعد أحد يتذكر أنها كانت مقالع”. وتابع: “هذه المناطق تنبُض بالحياة وتعمل بنظام بيئي مزدهر بدليل إنتاج عسل السبع الطبيعي البالغ 300 كيلوغرام في هذا الموسم وسيزداد هذا الانتاج، وهذا العسل مستخرج من شجر الكينا المزروع في مناطق المقلع المؤهلة، والنحل دليل صحة”.
وتابع: “ندرك جيّداً أن المناطق المؤهلة لا يمكن رؤيتها من الطريق العام كونها مسطحة ومنخفضة، وندرك أيضاً أن واجهة المقلع المطلة على طريق الأرز رديئة. يجب علينا تجليل وزراعة بعض المناطق الظاهرة حتى إذا لم تكن قد إستثمرت بالكامل. فنحن نعمل مع وزارة البيئة على إعادة جدولة وتسريع هذا التأهيل. كذلك نعمل على اختبار طريقة زرع المنحدرات بواسطة تقنية جديدة Hydroseeding وهي كناية عن رشّ البذور عبر مضخات عالية الضغط على واجهة المنحدرات”.
وأوضح أن “مشروع الحزام الأخضر Green Belt، يهدف إلى تطمين أهالي البلدات المجاورة على حسن إستعمال عقاراتنا المتاخمة لهم بالتنسيق التام معهم”.
وقال: “طموحنا أن نكون جزءاً مرحّباً به من كافة مكونات المجتمع المدني المحلّي. وكل فرد من الألف زميل لدينا في الشركة، هو جزء من المجتمعات المدنية المحلية والجميع يريد الإندماج أكثر فأكثر”. وأضاف: “خبرتنا مع مدينة شكا تبرهن ان الحوار في العمق والإتفاق على الكثير من النقاط البيئية والإقتصادية معقول ومتاح”. وختم قائلاً: “حان الوقت لنقوم بعملٍ أفضل لناحية التواصل والإنصهار مع المجتمع المحلي، ونحن نلتزم بذلك”.
رزق الله
وقال مدير مشروع مكافحة التلوث الببيئي في لبنان LEPAP في وزارة البيئة المهندس مروان رزق الله إن دور المشروع يتمثل في توفير الدعم الفني للمؤسسات الصناعية لإعداد دراسات فنية وبيئية وتحديد الإستثمارات البيئية المطلوبة وغيرها، وتوفير قروض ميسّرة للشركات مدعومة من مصرف لبنان، من خلال المصارف التجارية، بفوائد تقارب الصفر في المئة، لتنفيذ استثمارات بيئية تجعلها مطابقة للمعايير البيئية الوطنية.
وأضاف أن شركة الترابة الوطنيّة وضعت خطة للالتزام البيئي تتضمن إجراءات لتخفيف الأثر البيئي، تشمل “الإنتقال من استخدام فلتر ESP إلى Intensive Bag filter العالي الفاعليّة، وإنشاء منطقة تخزين للمواد الخام الممزوجة، وتركيب حزام مغلق لنقل المواد، وإنشاء منطقة تخزين للفحم البترولي ، وبناء مرأب جديد للآليّات على مقربة من منطقة العمل،
واستكمال إعادة تأهيل منطقة الحجر وإقامة حزام حفظ”.
وأكد أن من نتائج تغيير “الفلتر” انخفاض انبعاثات الغبار إلى أقل من 15 ملغ في المتر المكعب العادي، والقضاء على انبعاثات الغبار الطارئة، وتسهيل أعمال الصيانة بفضل تصميم وحدات الفلتر الجديد”.
الكفوري
أما رئيس بلدية شكا فرج الله الكفوري فشدد على أهمية وجود الصناعة في المنطقة. وقال: “صحيح أن لدينا بعض المآخذ على مصانع الإسمنت ولكن أنا مع هذه الصناعة اللبنانيّة”. ودعا الدولة إلى “أن تتحمل مسؤوليتها”. وسأل: “لماذا لا تسمح الدولة لمصانع الإسمنت بوصل المقلع بالكسّارة مما يمنع انبعاثات الغبار المتأتية من الشاحنات التي تنقل المواد بينهما؟”. وأضاف: “بالنسبة لجبل الكلينكر، أنا هنا مع ما يدعو إليه بيار ضومط، والمطلوب منها أن تساعده إذا أرادت أن تبقى معامل الإسمنت في شكّا”.
وشدد على ضرورة أن يكون “البتروكوك” مغطى، لكنه أسف لأن “الدولة لا تبني ما يلزم لذلك، ولا تعطي شركة الترابة الوطنية رخصاً لهذا الغرض”، مطالباً إياها بأن تمنح هذه الرخص.