كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تتداول البيتكوين بالقرب من 95,600 دولار في الوقت الحالي، منخفضة بشكل طفيف عن أعلى مستوياتها في الآونة الأخيرة. وعلى الرغم من هذا التراجع، فإن السعر ما يزال مرتفعًا مقارنةً بالأدنى الذي بلغته الأسبوع الماضي عند 91,300 دولار، وهو ما يعكس انتعاشًا قويًا في السوق. وبرأيي الصعود الأخير الذي شهدته البيتكوين بعد تخطيها حاجز الـ 100,000 دولار للمرة الأولى منذ 19 ديسمبر 2024 كان مدفوعًا بارتفاع ملحوظ في ثقة المستثمرين. وهذا الارتفاع دفع بعضهم إلى العودة إلى السوق، وخاصةً بعد تدفقات كبيرة إلى صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين التي بلغت 978 مليون دولار في السادس من يناير، وهو أعلى مستوى لها منذ نوفمبر 2024.
أيضاً، ساهمت شركة MicroStrategy في تعزيز هذا الزخم الإيجابي من خلال مواصلتها شراء المزيد من البيتكوين، حيث أضافت 1,000 بيتكوين إلى محفظتها. وهذه المشتريات تعكس تفاؤلًا متزايدًا حول مستقبل البيتكوين، مما يعزز من استقرار السوق. كما أن التفاؤل الكبير لدى المستثمرين الأميركيين كان له دور في دفع البيتكوين إلى تجاوز مستوى الـ 100,000 دولار، مدعومًا بإيجابية البيانات الصادرة عن مؤشر Coinbase Premium Index (CPI)، الذي يعكس رغبة المستثمرين في التوجه نحو العملات المشفرة.
لكن على الرغم من هذا التفاؤل، أعتقد أن البيتكوين ستبقى متأثرة بعوامل اقتصادية وسياسية معقدة. خاصة مع اقتراب تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 20 يناير 2025، وهو ما يثير التفاؤل بشأن إمكانية حدوث بيئة تشفير أكثر مرونة في ظل إدارته الجديدة. وأتوقع أن تشهد البيتكوين موجة من النشاط إذا قام ترامب بتعيين موظفين مؤيدين للعملات المشفرة في المناصب الحكومية الرئيسية. فهذا التفاؤل يعزز الثقة في البيتكوين كأداة استثمار مستقبلية، حيث يأمل المستثمرون في أن تساهم السياسات الداعمة للعملات الرمشفرة في تحسين الوضع الاقتصادي العام.
لكن بالنسبة لي، يبقى القلق بشأن السياسات الاقتصادية الأوسع للرئيس ترامب قائمًا. فقد أبدى ترامب في تصريحاته السابقة قلقًا بشأن القضايا الاقتصادية الكبرى، مثل الحروب التجارية والتضخم المتزايد، مما قد يؤثر سلبًا على البيتكوين والأسواق المالية بشكل عام. فهذه التحديات الاقتصادية قد تخلق حالة من عدم اليقين في السوق، مما يضعف التفاؤل العام ويؤثر على استقرار البيتكوين في المدى المتوسط.
ومع استمرار هذه العوامل المتضاربة، من رأيي يمكن أن تبقى البيتكوين تحت ضغط اقتصادي محتمل. ففي الأيام الأخيرة، أثرت البيانات الأمريكية القوية على الأسواق بشكل عام، حيث أعادت التوقعات بتشديد السياسة النقدية المخاوف للاسواق. وهذا أثر بشكل كبير على سوق العملات المشفرة، حيث شهدت خسارة كبيرة بلغت 6.2% في القيمة السوقية للعملات المشفرة في 24 ساعة فقط.
وهذه الخسائر السريعة في القيمة تسببت في تراجع البيتكوين إلى 95,600 دولار تقريبًا، وهو ما يعكس حالة الحذر المؤقت التي أصابت المستثمرين. ومن المحتمل أيضاً أن يكون هناك تراجع في رغبة المضاربين على المدى القصير مما قد يدفع الأسعار نحو مستويات أعلى، مع انتهاء جني الأرباح بسرعة.
لكن أرى أنه إن فشل البيتكوين في الثبات فوق الـ 102,000 دولار دفع المضاربين إلى البحث عن مبررات للبيع، وهو ما عزز من حالة التراجع التي نشهدها حاليًا. وفي الوقت ذاته، ما يزال السوق يشهد زخمًا صاعدًا، ولكن مع زيادة الحذر بين المستثمرين.
فمن جانب آخر، تراجع الإيثريوم بشكل حاد، حيث فقد جميع مكاسبه منذ بداية العام، ما يعكس القلق العام في السوق. وهذا التراجع قد يزيد من التشكيك في قوة السوق بشكل عام، ويثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المكاسب مؤقتة فقط أم أن البيتكوين ستتمكن من الحفاظ على هذا الزخم في المستقبل القريب.
وأتوقع أنه قد ينتهي الارتفاع الكبير في السوق بحلول منتصف مارس 2025، حيث يمكن أن يبدأ السوق في التصحيح بعد تلك الفترة، خاصة مع بداية انخفاض السيولة الدولارية، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع البيتكوين بشكل ملموس. وفي المقابل، فإنه في ظل تطور القوانين والسياسات، مثل قانون الإعفاء الضريبي في التشيك بالنسبة للبيتكوين، قد يكون هناك فرص جديدة لتنويع الاحتياطيات المالية للبلدان.
وبالحديث عن التطورات السياسية في كندا، فقد يتغير المشهد بشكل غير متوقع إذا تولى بيير بواليفير منصب رئيس الوزراء الكندي. فهو من المؤيدين لعملة البيتكوين وقد يسهم في دعم استخدامها بشكل أكبر، مما قد يساهم في تعزيز الثقة في العملات المشفرة بشكل عام. إلا أن السوق يبقى متقلبًا، ويعتمد بشكل كبير على مزيج من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تشكل مستقبله.
وباختصار، أعتقد أن سوق البيتكوين في وضع معقد، حيث يتأثر بعوامل إيجابية وسلبية في الوقت نفسه. وقد تستمر البيتكوين في التذبذب بين الصعود والهبوط، خاصة مع تغير الظروف الاقتصادية والسياسية في الأشهر القليلة القادمة.