كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يجذب سعر النفط الخام (WTI) الأنظار مع انخفاضه إلى مستوى 72.40 دولار خلال اليوم الخميس، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار في الأسواق العالمية. ومن وجهة نظري يعاني النفط الخام من ضغوط ملحوظة بسبب قوة الدولار الأمريكي، وهو ما يجعل النفط أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يؤدي إلى موجة بيع جديدة للذهب الأسود. وهذا التأثير كان متوقعًا إلى حد ما، خاصة مع الاتجاه الحالي للبنوك المركزية في الحفاظ على سياسات نقدية متشددة لمواجهة التضخم.
كما تتجلى قوة الدولار الأمريكي كملاذ آمن في ظل تصاعد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي والضغوط التضخمية. وبرأيي فإن الدولار كملاذ آمن يحظى بدعممتزايد في ظل هذه الأوضاع، مما يضيف مزيدًا من التحديات أمام أسعار النفط. ومع ذلك، لا يزال هناك دعم محتمل لسعر النفط الخام من جانب المخاوف المتعلقة بالإمدادات، حيث يمكن لانقطاع الإمدادات أن يحد من الانخفاضات الحادة.
وأعتقد أن أحد العوامل الداعمة لسوق النفط هو الانخفاض المستمر في مخزونات النفط الخام الأمريكية. فوفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، تراجعت المخزونات بمقدار 959 ألف برميل الأسبوع الماضي، متجاوزة توقعات السوق التي أشارت إلى انخفاض قدره 250 ألف برميل. وهذا الانخفاض، على الرغم من كونه أقل من الأسبوع السابق، يعكس قوة الطلب على النفط في السوق الأمريكية ويشكل دعامة أساسية للأسعار، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وزيادة احتياجات التدفئة.
إضافة إلى ذلك، فإن العقوبات الجديدة على صادرات النفط الإيرانية والروسية من المتوقع أن تضيف المزيد من الضغط على الإمدادات العالمية. حيث تعتزم إدارة بايدن فرض المزيد من القيود على صادرات النفط الروسية، مما قد يعيد تشكيل حركة السوق العالمية ويدفع الأسعار إلى مستويات أعلى. وهذه الإجراءات ستزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للمشترين الآسيويين، الذين باتوا يركزون بشكل أكبر على النفط القادم من الشرق الأوسط لتعويض النقص في الإمدادات.
وتتزامن هذه التطورات مع تحسن السوق الفعلية في الشرق الأوسط. فقرارات أوبك+ الأخيرة بتمديد تخفيضات الإمدادات لعبت دورًا حاسمًا في تقليص الفائض المتوقع في السوق خلال عام 2025. وهذا التحرك الاستراتيجي من قبل أوبك+ يعكس رغبتها في تحقيق استقرار طويل الأمد للأسواق، إلا أن حالة عدم اليقين بشأن إمدادات النفط الإيرانية بعد تسلم ترامب مهامه قد تضيف عنصرًا آخر من المخاطر الجيوسياسية.
وبرأيي، تشير البيانات إلى أن سوق النفط شهد نهاية قوية لعام 2024 وبداية واعدة لعام 2025. حيث أن تداول خام برنت عند مستويات تفوق 76 دولارًا للبرميل يعكس ثقة متزايدة من قبل المستثمرين في استمرار الطلب القوي على النفط، وبالرغم من التحديات الاقتصادية العالمية. هذه الديناميكية تعزز من فرضية أن أسعار النفط ستستمر في التحرك ضمن نطاقات ضيقة، مع احتمال تحقيق مكاسب في حال استمرار القيود على العرض.
ومع ذلك، ستبقى العوامل الاقتصادية الكبرى مثل بيانات التوظيف الأمريكية وتصريحات بنك الاحتياطي الفيدرالي محورية في تحديد الاتجاه المستقبلي للأسواق. وبيانات التوظيف لشهر ديسمبر، المنتظر صدورها يوم الجمعة، قد تؤدي إلى تعزيز قوة الدولار إذا أظهرت قوة سوق العمل، مما قد يشكل ضغطًا إضافيًا على أسعار النفط في الأمد القريب.
وعليه أرى أن الأسواق النفطية تواجه مفترق طرق حاسم. فمن جهة، هناك مخاوف مستمرة من تباطؤ اقتصادي عالمي وقوة الدولار، ومن جهة أخرى، توفر المخاطر الجيوسياسية وانخفاض المخزونات دعمًا قويًا للأسعار. والاتجاه المستقبلي للنفط الخام سيعتمد بشكل كبير على توازن هذه العوامل، مما يجعل مراقبة التحركات القادمة من أوبك+ والاحتياطي الفيدرالي أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين.