بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تواصل أسعار النفط نزيفها لليوم الرابع بعد أن بلغت أعلى مستوياتها في خمسة أشهر الأسبوع الفائت، حيث ينخفض كل من خامي غرب تكساس والوسيط وبرنت بقرابة 1%.
خسائر النفط تأتي بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة والذي قام في يوم الأول بتوقيع جملة من القرارات التي من شأنها أن تزيد من إنتاج الخام وتشكل المزيد من الضغط الهبوطي على الأسعار.
وفقاً لنيويورك تايمز، فإن ترامب قد وقع جملة من القرارات الهامة الأمس كان من بينها الكثير مما يتعلق بالطاقة. ذلك مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والإعلان عن حالة الطوارئ الوطنية للطاقة بهدف تعليق القواعد المتعلقة بالبيئة والتنقيب إضافة إلى ألغاء وإعادة مراجعة قرارات وبرامج سابقة للحد من استخدام الوقود الأحفوري والتلوث.
هذا من شانها أن يفسح المجال أمام تدفق المزيد الخام في السوق الذي يعاني من تخمة المعروض بما قد يدفع أسعار الطاقة نحو المزيد من التراجع وهذا ما يطمح إليه ترامب من أجل خدمة أجنداته بخفض التضخم. ذلك أن إنخفاض أسعار الطاقة عامل محوري في خفض التضخم عموماً.
شأن أخر يستحوذ على تركيز سوق الطاقة هو الصراع التجاري مع الصين. فعلى نحو غير متوقع، فقد قام ترامب بتأجيل فرض الرسوم الجمركية الضخمة على الصين، وفقاً لرويترز. هذا يأتي تالياً لإخبار ترامب مستشاريه بنيته السفر إلى الصين بهدف تعميق العلاقات مع الرئيس شي جين بينج والمفاوضات بشأن العلاقة التجارية، وفق وول ستريت جورنال. كما أن دعوة ترامب للرئيس الصيني لحضور مراسم التنصيب والذي رد الأخير عليها بإرسال نائبه، وليس السفير، تعد خطوات تصالحية تُظهر حسن النية، وفقاً لرويترز.
إضافة إلى ذلك، فقد قال ترامب للصحفيين في معرض الإجابة عن فكرة الرسوم الجمركية الشاملة “بأننا غير مستعدين لذلك بعد”. هذا يأتي تناقضاً مع ما قد طرحه سابقاً في حملته الانتخابية ويظهر رغبته في التفاوض على الظروف التجارية، وفق ما قاله محللين لوول ستريت جورنال أيضاً.
مع هذا التريث فقد تبقى الأسواق في حالة من الترقب. فوفقاً لنيويورك تايمز، سيقضي المسؤولون في الإدارة الأشهر المقبلة في تحديد البلدان التي سيتم التفاوض معها بشأن صفقات تجارية جديدة إضافة إلى مراجعة شاملة للقاعدة الصناعية في الولايات المتحدة بهدف معرفة ما إذا كان هناك حاجة لفرض التعرفات الجمركية.
علاوة على ذلك، ومع هذا التريث الذي أظهره ترامب لاتخاذ القرارات الجوهرية بشأن التجارة الخارجية، فإن الأثر السلبي المحتمل الذي قد يلحق بتلك التعرفات الجمركية قد يكون عاملاً رادعاً يحول دون شن حرب تجارية عالمية شاملة. فوفق لمسح أجرته وول ستريت جورنال، يتوقع الخبراء أن يرتفع التضخم السنوي في العام 2026 إلى 2.6% من 2.3% إضافة إلى التسبب بخفض 0.2 نقطة مؤية من نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري.
كما قد قالت هيئة التحرير في وول ستريت جورنال أنه من الواضح أن ترامب لديه إحساس أكثر بما يريد القيام به وكيفية تحيق ذلك على عكس فترته الرئاسية الأولى.
فإذا أصبح ترامب بالفعل أقل عدائية وأكثر حكمة في إدارة الكثير من الملفات – على رأسها التجارة الخارجية – فإننا قد نشهد راحة أكبر في سوق الطاقة مع انحسار المخاوف التي تحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي في حال اشتعال الحرب التجارية الشاملة. هذه الحرب التجارية قد تتسبب في المزيد من الضغط على نمو الاقتصاد العالمي للتباطؤ وقد يحول دون تحقيق الصين لأهداف النمو التي وضعتها ويقد يدفع منطقة اليورو نحو الركود وفق المسوحات والتوقعات التي كنا قد شهدناها خلال الأشهر الفائتة.
فإذا تمكن الصين من الحصول على شروط تجارية مواتية تنقذها من الضربة التي قد تتعرض إليها الصادرات، واستمرت في اتخاذ إجراءات الدعم الملموسة وشهدنا تبلوراً لأثرها خلال الأشهر المقبلة، فإن سوق النفط قد تتخلص من واحد من أهم العوامل السلبية الضاغطة على الأسعار.
في المقابل، فإن انحسار التوترات الجيوسياسية في حال تمكن ترامب من تحقيق وعوده بإرساء السلام وإيقاف الحروب الدائرة فإن أسعار النفط قد تفقد أي علاوة لهذه المخاطر. ليس هذا فحسب، فقد نشهد عودة لتدفق النفط الروسي للأسواق فيما إذا قام ترامب بالتفاوض لإنهاء الحرب في أوكرانيا مقابل رفع العقوبات عن روسيا.
لا نعرف ما الذي قد يقدم عليه ترامب خلال أيامه الأولى على الرغم من كثرة ما قاله. حيث تقول كارين تومولتي في مقال للرأي في الواشنطن بوست بأنه يجب مراقبة ما يفعله ترامب ولا يجب أن يتشتت الانتباه بما يقوله وهذا ما يبرع به.