حصري: تقرير JOLTS يُربك على الدولار (DXY).. هل يغير الفيدرالي مساره؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA

يبدو أن الدولار الأمريكي يواجه ضغوطًا قوية في الفترة الحالية، حيث تراجع مقابل معظم العملات الرئيسية بعد صدور تقرير الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة لشهر ديسمبر، والذي كشف عن أرقام أدنى من المتوقع. ومع انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) إلى مستوى 108.00، بدأت الأسواق تسعر الانكماش المستمر في سوق العمل، وهو ما قد يعكس تباطؤًا اقتصاديًا قد يؤثر على سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي في المستقبل القريب. وهذه التطورات برأيي تشير إلى أن قوة الدولار قد لا تدوم طويلاً في ظل هذه المعطيات الاقتصادية.

حيث أظهر تقرير الوظائف الشاغرة أو ما يعرف بتقرير JOLTS أن عدد الفرص المتاحة للعمل في الولايات المتحدة انخفض بشكل ملحوظ، حيث بلغ الرقم الفعلي 7.6 مليون فرصة مقارنةً بتوقعات كانت تشير إلى 8 ملايين فرصة. ومن وجهة نظري هذه البيانات تأتي في وقت حساس، حيث يشير هذا الانخفاض إلى تراجع في الطلب على القوى العاملة، وهو ما يعكس بدوره حالة من الركود في بعض القطاعات الاقتصادية الأمريكية. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام قد لا تعني بالضرورة تباطؤًا كبيرًا في الاقتصاد ككل، إلا أن الإشارة إلى تباطؤ في توظيف القوى العاملة قد يضعف من الثقة في النمو الاقتصادي المستدام.

لذا أعتقد أن هذا التراجع في فرص العمل لا يبدو أنه معزول عن بقية البيانات الاقتصادية السلبية، حيث شهدنا انخفاضًا في طلبات المصانع لشهر ديسمبر بنسبة 0.9%، وهي أكثر من التقديرات التي كانت تشير إلى انخفاض بنسبة 0.7%. وهذه البيانات تعكس حالة من الضعف في القطاع الصناعي، وهو ما يضاف إلى سلسلة من المؤشرات السلبية التي تعزز المخاوف من تباطؤ اقتصادي محتمل. فمع تزايد هذه المخاوف، تزداد الضغوط على الدولار الأمريكي الذي بدأ في التراجع بشكل واضح.

وبرأيي، قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة النظر في سياساته النقدية بشكل أكثر تأنياً. فبعد هذه البيانات، باتت التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة أكثر قوة، حيث ارتفعت احتمالات الإبقاء على الفائدة دون تغيير في اجتماع مارس المقبل إلى 86.5%، و هذا التوجه قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في العوائد على سندات الخزانة الأمريكية، مما يساهم في انخفاض الدولار نتيجة لتوقعات الأسواق بشأن تشديد أقل من جانب الفيدرالي.

ومن جهة أخرى، يشير تفاعل الأسواق مع الأخبار العالمية إلى أنها تسير في اتجاه موازٍ. فقد أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على السلع الصينية، بينما ردت الصين بفرض رسومها الخاصة على المنتجات الأمريكية. وهذه المناوشات التجارية قد تؤثر على الأسواق العالمية بشكل غير مباشر، وتضيف مزيدًا من الغموض حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي، مما يساهم في الضغط على الدولار. كما أن التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك الخلافات التجارية المستمرة، تخلق بيئة غير مستقرة من الناحية الاقتصادية، مما يزيد من تأثيرها السلبي على العملة الأمريكية.

وبالنسبة لي، كان من اللافت أن المكسيك وكندا قد شهدتا تأخيرًا في فرض الرسوم الجمركية الأمريكية، مما قد يشير إلى أن بعض الدول تتبنى سياسات تهدف إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية في الوقت الراهن. ومن الممكن أن تؤدي هذه التطورات إلى نوع من الهدوء المؤقت في الأسواق، ولكن على المدى البعيد، قد تتجدد الضغوط إذا استمرت التوترات التجارية في التصاعد. وهذه التوترات ستستمر في التأثير على قوة الدولار الأمريكي، إذ تزداد احتمالات أن يقوم الفيدرالي باتخاذ خطوات لتيسير السياسة النقدية إذا استمرت هذه التحديات الاقتصادية في الانتشار.

أما بالنسبة للعوائد على السندات الأمريكية، فقد ارتفعت بشكل طفيف إلى 4.555% على السندات لأجل 10 سنوات، وهو ما يعكس تقلبات السوق في الوقت الذي تتزايد فيه التوقعات بمزيد من التيسير النقدي من قبل الفيدرالي. وهذا الارتفاع الطفيف في العوائد قد يكون نتيجة لتراجع الدولار، حيث يبحث المستثمرون عن ملاذات آمنة ذات عوائد أفضل في ظل التشويش الاقتصادي. إلا أن هذا الارتفاع لا يزال محدودًا بالنظر إلى استمرار الضغوط السلبية على الاقتصاد الأمريكي، والتي قد تؤدي إلى تقلبات مستمرة في أسواق المال.

وعليه يبدو لي أن الدولار الأمريكي يواجه فترة صعبة مع استمرار ضعف البيانات الاقتصادية، سواء في سوق العمل أو القطاع الصناعي، بالإضافة إلى استمرار التوترات الجيوسياسية والتجارية. وقد تشهد الأسواق مزيدًا من الضغوط على العملة الأمريكية إذا استمرت هذه الاتجاهات في التزايد. وسيكون من المهم متابعة تصريحات مسؤولي الفيدرالي في الأسابيع المقبلة، حيث قد تلعب تلك التصريحات دورًا حاسمًا في تحديد توجهات السياسة النقدية، وبالتالي في مسار الدولار الأمريكي في الفترة القادمة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت استضافت طاولة مستديرة حول اصلاح النظام الضريبي

استضافت كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع المؤسسة اللبنانية ...

أسواق الخليج تحت ضغط التطورات الجيوسياسية الإقليمية

تحليل الأسواق اليوم عن جورج بافل، مدير عام Naga.com منطقة الشرق الاوسط ٥ فبراير ٢٠٢٥ ...

الذهب يواصل مكاسبه التاريخية وسط التصعيد المتدرج للحرب التجارية

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com سجل الذهب المزيد من المستويات القياسية لليوم ...