بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
سجل الذهب المزيد من المستويات القياسية لليوم الخامس على التوالي مع تجاوزه لمستوى 2877 دولاراً للأونصة في المعاملات الفورية.
مكاسب الذهب المتتالية تأتي وسط التصعيد المتدرج للحرب التجارية ما بين الولايات المتحدة والصين والذي من شأنه أن يعمق المخاوف حول اقتصاد كلا البلدين. كما أن هذه القمم المتتابعة للذهب تأتي بالتزامن مع انخفاض عوائد سندات الخزانة والأداء الباهت لسوق الأسهم في الولايات المتحدة مما يعزز من فرضية التوجه نحو الملاذات الأمنة وهذا كان أيضاً بعد انخفاض أكبر من المتوقع لفرص العمل المتاحة في ديسمبر.
تلك العوامل تضاف إلى محفزات عدم اليقين تجاه الاقتصاد العالمي والواقع الجيوسياسي والتي ساهمت في مجملها بدفع الطلب الاستثماري على الذهب للنمو بنسبة 25% في العام 2024 مقارنة مع العام 2023 وبنسبة 32% في الربع الرابع الأخير مقارنة مع نفس الفترة من العام الذي سبقه، وفق تقرير مجلس الذهب العالمي.
تبدو الحرب التجارية الأن هي العامل الأبرز المغذي لعدم اليقين والتي تقود بدورها الطلب على الملاذ الأمن. تتفاقم المخاوف اليوم مع ترقب المزيد من التصعيد لهذه الحرب والتي إن كانت قد بدأت على نحو أقل حدة مما كان متوقعاً مع تنصيب دونالد ترامب.
مع دخول التعرفات الجمركية على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، تكشفت اليوم المزيد من ملامح التصعيد المقبل. حيث أن السلطات الصينية تستعد لفتح تحقيق مع شركة آبل بشأن سياسات متجر تطبيقاتهاـ، وفقاً لبلومبرغ نيوز. هذا يأتي تالياً للإعلان عن استهداف غوغل بتحقيقات بشأن الاحتكار إضافة إلى تقييد صادرات بعض من المعادن النادرة وفرض رسوم جمركية على بعض من الواردات من الولايات المتحدة.
على الرغم من أن الخطوات الانتقامية من الصين تبدو محدودة ولا تستهدف سلعاً استراتيجية ولا تستهدف سوا ما يُقدر بقرابة 14 مليار دولاراً من الواردات الأمريكيةــ، إلا أنها قد تمثل بداية لتصعيد أوسع للحرب التجارية ذلك أنها قد تشجع ترامب على اتخاذ المزيد من القرارات العدائية وذلك وفقاً لما نقلته نيويورك تايمز عن خبراء. حيث إن الإجراءات الانتقامية التي تتخذها الصين تعطي إشارة حول إمكانية الحاق الضرر بالشركات الأمريكية، ولكن في نفس الوقت تفسح المجال للتفاوض.
إضافة إلى ذلك، ووفقاً للتايمز أيضاً، فإن تصاعد التوتر ما بين الصين والولايات المتحدة قد يؤثر على احتماليات وقف الحرب في أوكرانيا. ذلك أن الصبن هي الداعم الأكبر للاقتصاد الروسي ومع ذلك التصعيد سيكون التعاون صعباً لإنهاء الحرب. في حين أن غياب أفق قريب لتسوية الحرب في أوكرانيا من شأنه أن يبقي على حالة عدم اليقين مرتفعة في دول الاتحاد الأوروبي والتي لا تعاني اقتصاداتها فقط من هذه الحرب، وإنما من جانب آخر تعاني من التهديد الاقتصادية مع الحرب التجارية القادمة إليها أيضاً.
التصعيد مع الصين أيضاً من شأنه أن يقود إلى إعادة رسم لخارطة التحالفات حول العالم، وفقاً للتايمز أيضاً في تقرير منفصل. ذلك أن العدائية التي يمارسها ترامب مع حلفائها وأعدائه إضافة إلى قطع المساعدات من الولايات المتحدة من شأنها أن تجذب الدول المتضررة والصين للتحالف مع بعضها البعض. هذا بدوره من غير المستعبد أن يجبر الولايات المتحدة للتصعيد أكثر تجنباً لفقدان هيمنتها العالمية.