شرف الدين حاضر حول ” مصرف لبنان: سياسة نقديّة في سبيل نهضة إجتماعية” في المركز الإسلامي

ألقى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان السيد رائد شرف الدين محاضرة بعنوان” مصرف لبنان: سياسة نقدية في سبيل نهضة إجتماعية”، بدعوة من المركز الإسلامي في بيروت.

قدّم للمحاضرة التي أقيمت في قاعة الشهيد الشيخ أحمد عساف في المركز في عائشة بكار، رئيس اللجنة الثقافية الدكتور محمد النفي، في حضور نخبة من رجال الأعمال والمصارف وحشد من المهتمين.

2وتناول السيد شرف الدين في محاضرته، أهم مفاصل السياسة النقدية لمصرف لبنان، من خلال ثلاثة محاور:

  1. مقدمة: جذور حضارية لأبعاد اجتماعية.
  2. المكامن الاجتماعية-الاقتصادية لسياسة مصرف لبنان النقدية.
  3. آثار مبادرات مصرف لبنان على ا لأمن الاجتماع -الاقتصادي-البيئي.

 والخلاصة

I. مقدمة: جذور حضارية لأبعاد اجتماعية

بداية، أتقدّم بالشكر إلى المركز الإسلامي عائشة بكار لهذه الدعوة الكريمة للتحدث أمام هذه النخبة الفاضلة عن أهم مفاصل السياسة النقدية في وطننا.

بالعودة إلى العصور الإسلامية الأولى، عهد الخلفاء الراشدين، يُعتبر النظام المالي الإسلام،الذي ساد في منطقة المشرق وشمال إفريقيا، من أكثر الأنظمة استقلالا وأنبلها غاية. وظهر ذلك من خلال تطبيق قوله تعالى في القرآن الكريم: ﴿كي لا يكون دُول ة بين الأغنياء منكم﴾، من حيث وجوب تداول الأموال بين الناس جميعا وتجنّب احتكارها. وقد كان بيت المال من أهم المؤسسات الحضارية الإسلامية دقّة وتنظيما، وهو المخوّل للصرف على مصالح المسلمين المتفاوتة، جامعا اختصاصات وزارة المالية والمصرف المركزي في عصرنا الحاضر، ضمن سياسةٍ لا مركزية تفصل بين الإدارتين السياسية والمالية، i وتكفل التوازن بين المال والسلع، وتحول دون تحويل المدخرات بعيدا عن الاستثمار الحقيقي، وتضمن خلق الثروة الحقيقية في المجتمع. كما تميّزت فترة حكم الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز تحقيق العدالة الاجتماعية والمالية في جمع إيرادات بيت المال وصرف الأموال على الناس بطرقٍ مبتكرة، كان من شأنها القضاء على الكثير من الأزمات آنذاك. كذلك شهدت حقباتٌ من الحكم العباسي حرصا على التوازن فيصرف المبالغ الطائلة على الفقراء والعلماء، مقابل الإنفاق على المجهود الحربي. وما عظمة “بيت الحكمة” ومكتبة بغداد والنهضة العلمية الت سادت آنذاك، وتأسيس ما عُرف بديوان الجهابذة في المدن الرئيسية للقيام بكافة الأعمال المصرفية، وإنشاء المناطق الخاصة بالتبادل التجاري ( التي ظهرت منذ العصر الأموي)، وتشجيع المستثمرين ورواد الأعمال، وإصدار سندات الائتمان والصكوك، إلا خير مثالٍ على ذلك. أما حقبة الحكم الإسلام في الأندلس فكانت بحق، وباعتراف الغربيين أنفسهم، نموذجا حضاريا جمع بين الازدهار الاقتصادي، والتقدم العلم، والتعددية الدينية الإثنية، ومنظومةٍ متنوعة من العلمانية الثقافية.

تفاصيل هذا المشهد الحضاري السريالي كانت تُحاك في الوقت الذي كانت أجزاء الغرب الأخرى تشهد، منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية، أكثر فصول التاريخ الإنساني المعلوم ظلامية وفسادا واضطرابا. في حين يقرّ المستشرقون الغربيون أنه من حسن حظ الحضارة الإنسانية قيام المسلمين بحفظ وقوننة وتطوير ونشر الكثير من الحكم العظيمة والإنجازات العلمية في الماضي باللغة العربية، بشكلٍ لم يشهد له التاريخ الإنساني مثيلا ، داخل المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء، حيث أضحت منطقة المشرق وشمال إفريقيا الأغنى على وجه المعمورة في ذلك الوقت.

إنما القصد من مقدمتي هذه ليس الحنين إلى ماضٍ عظيم زال وأمجادٍ تليدة غابرة، بل للدلالة أن البعد الاجتماع للسياسات النقدية والمالية في منطقتنا له جذورٌ حضاريةٌ متأصلة ومتقدمة في التاريخ الإنساني، ينبغ الاقتداء بها وعصرنتها في سياق تحقيق مشروعٍ نهضوي شامل ومواجهة التحديات الراهنة. من هنا، سوف ألقي الضوء على بعض أهم مفاصل السياسة النقدية العصرية بشكلٍ عام، ومن ثم سأعرض أبرز مكامن السياسة النقدية لمصرف لبنان بشكلٍ خاص، بما تكتنفه من رؤى ومبادرات اجتماعية اقتصادية، في ظل التحولات الجارية – عالميا والأزمات المحتدمة إقليميا .

II. المكاامن الاجتماعية الاقتصادية لسياسة مصرف لبنان النقدية

إن السياسة النقدية الت يتبعها مصرف لبنان منذ أكثر من عقدين أرست نظاما نقديا مستقرا ونظاما ماليا محصنا ، كان لهما اليد الطولى في مدّ الاقتصاد اللبناني بمقوّمات الصمود ووسائل التكيّف وأدوات التطوّر على مدى حقباتٍ بالغة الحساسية من تاريخ لبنان. وتمتدّ هذه الحقبات بدءا من المرحلة التي أعقبت انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية خلال تسعينات القرن الماضي، بتبعاتها وتحدياتها، مرورا بمرحلة التوترات الإقليمية والمحلية في العقد الأول من الألفية الثانية، بأثقالها وتجاذباتها، وصولا إلى مرحلة الحروب والأزمات الإقليمية والدولية الت نعيشها منذ بداية العقد الثاني، بأخطارها وتعقيداتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وإذا كان مصرف لبنان قد شكّل عنوانا مؤسساتيا للاستقرار والحصانة من خلال سياساته وكفاءة إدارته وجهود موارده البشرية، فإن الفضل لهذا الدور يعود إلى التصدي للتحديات والالتزام بالثوابت، وذلك على مستويين اثنين: المستوى الأول هو إلهام كل مواطنٍ لبناني، مهما كان انتماؤه، الثقة والاطمئنان والتفاؤل بمستقبل اقتصاده وطاقات وطنه الكامنة، بالرغم من كل ما يحيط به من أزمات متعددة المصادر. أما المستوى الثاني، فهو بثّ رو الريادة في التجربة اللبنانية على الصعيدين العربي والدولي، لا سيما المالية والمصرفية منها، بحيث أضحت سياسة

مصرف لبنان النقدية نموذجا سبّاقا ومثالا يُحتذى به في المحافل المالية الدولية والمصارف المركزية العالمية. وكلا المستويين المذكورين يكتسب أهمية استراتيجية في مسيرة النهوض بالدولة ومؤسساتها، وتحقيق النمو والتنمية الاقتصاديين والاستقرار الاجتماع . فلا نهوض دون ثقة المواطن بوجود المقومات الأساسية لهذا النهوض، ولا نمو وتنمية دون إعادة إطلاق الإشعاع اللبناني الريادي في المشرق باتجاه اآففاق العالمية الرحبة.

وما أدلّ على كلّ ما تقدّم سوى الدور الذي يلعبه مصرف لبنان منذ تأسيسه، وفي العقدين الأخيرين على وجه الخصوص، في رفد الاقتصاد اللبناني بشرايين النمو ووسائل التنمية، ودعم الدولة اللبنانية من خلال آليات التمويل والهندسات المالية. وقد شهد هذا الدور تقدّما وتطورا مضطردين منذ عقدين حتى الآن في مجال السياسة النقدية وآلياتها المالية وإدارتها الوظيفية، حيث أثبت مصرف لبنان امتلاكه للرؤية والمثابرة بالرغم من الظروف الصعبة التي تواجه الوطن والأزمات المالية العالمية وتبعاتها. وهذا النهج نابعٌ من قناعةٍ جذرية أن الأزمات، إذا أُحسن التعامل معها، يمكن أن تشكّل المناسبات الأكثر أهمية لإطلاق المبادرات، وحتى أن تكون فرصا لإنجازات مستقبلية. لقد بُنيت هذه الرؤية على أساس العلاقة التكاملية بين النمو والتنمية الاقتصاديين من جهة، والاستقرار والأمن المجتمع من جهة أخرى. وقد أثبتت عناصر هذا النهج يوما بعد آخر جدواها وفعاليتها ونجاحها من خلال المقاربات الت سيلي ذكرها.

في مواجهة استفحال الأزمات المالية وتبعاتها، برزت في المقابل دوافع عالمية نحو تفعيل دورٍ غير تقليدي في السياسة النقدية للمصارف المركزية، بالإضافة إلى السياسات التقليدية، تكون بمثابة عاملٍ رديفٍ للمالية العامة، وتصبو إلى تعزيز النمو والتنمية. تتكوّن هذه السياسة النقدية من شقّين: شق تنفيذي وآخر تنظيم . وينعكس كل من النمو والتنمية في الشق التنفيذي عبر جزأيه التقليدي وغير التقليدي.

3أولاً، في الشق التنفيذي التقليدي على صعيد الحفاظ على الاستقرار النقدي

في الجزء التقليدي من السياسة النقدية التنفيذية، سعى مصرف لبنان إلى تحفيز النمو وتعزيز التنمية عبر وسائله وأدواته التقليدية كالحفاظ على استقرار سعر الصرف وحماية النظام المالي، وتحقيق معدلات تضخّم متدنية. كما حرص المركزي على تمويل عجز المالية العامة وإدارة الدين العام من خلال تأمين ملاءة الدولة اللبنانية مع تجنّب عامل التضخم والحفاظ على سلامة ميزانيته، ضمن ممارسة واجبه القانوني وهو المحافظة على الاستقرار التسليف . وبذلك حال مصرف لبنان دون تعثرّ الدولة وحرص على الحفاظ على مصداقيتها في سداد الديون والفوائد ضمن المهل القانونية، نظرا آفثار ذلك على القطاع المصرفي وسمعة لبنان وتصنيفه الائتماني. بالإضافة إلى ذلك، عمل مصرف لبنان على إدارة العرض والطلب للكتلة النقدية واتخاذ كل التدابير اللازمة للحفاظ على التوازن في السيولة، بما يحول دون حصول ضغوطات او ردود فعل سلبية قد تنجم عن فائض السيولة بالليرة. هذه الإنجازات تشكّل حجر الزاوية للحفاظ على الثقة وتحقيق النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات وتحسين فرص العمل وتأمين المناخ الصحي للأمن الاجتماعي للمواطنين والمؤسسات. في هذا الإطار نذكر أهم الإنجازات النقدية التي قام بها مصرف لبنان:

  • الحفاظ على استقرار سعر الصرف حيال المخاطر السيادية ضمن هوامش مناسبة، منذ العام 1999 (1,501 – 1,514 ل.ل. للدولار الواحد)
  • الحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم ضمن إطار الهدف المنشود وهو أربعة بالمئة.
  • تعزيز موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية الت بلغت مستويات قياسية تعدّت الـ 42,5 مليار دولار بتاريخ 15 كانون الثاني الجاري، يضاف إليها مخزونه الوفير من احتياط الذهب الذي يشكّل صماّم أمان إضافي للاقتصاد ويأتي في المرتبة الثانية عربيا والثامنة عشر دوليا.
  • إدارة السيولة الت حققت فائضا بلغ حوالي 20 مليار دولار من خلال إصدار شهادات الإيداع وتشجيع التسليف بالليرة اللبنانية للمشاريع الانتاجية والسكنية والبيئية والتعليمية، بما يجنّب البلاد مخاطر التضخّم.
  • المحافظة على الاستقرار النسب لمعدلات الفوائد ضمن مستويات مريحة للأسواق

ومناسبة لتصنيف لبنان.

  • المحافظة على الثقة الائتمانيّة للبنان من خلال الحرص على ملاءة الدولة ومصداقيتها في تسديد التزاماتها عبر تأمين حاجات الدولة التمويلية.
  • إدارة الدين العام للدولة اللبنانية بشكلٍ مجدٍ وفعّال بهدف خفض كلفة المديونية. في

هذا الإطار، انخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل جذري من 180 بالمئة في العام 2006 إلى حوالي 137 بالمئة في العام 2011، لتعود وترتفع إلى حوالي 147 بالمئة بسبب التباطؤ الحاصل في النمو الاقتصادي خلال الأعوام الستة الماضية.

ثانيا، في الشق التنفيذي غير التقليدي على صعيد تحصين الأمن الاجتماعي- الاقتصادي- البيئي من خلال البرامج التحفيزية لمصرف لبنان الموجهة للمصارف

يتركّز هذا الجزء من السياسة النقدية التنفيذية حول إضفاء بعدٍ اجتماع وأخلاق وتنموي على أداء السلطة النقدية وتجديد الجهود الرامية إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية- الاقتصادية لديها عبر تطبيق هندساتٍ إضافية في سبيل إفادة الاقتصاد والمجتمع على حد سواء، خاصة في مواجهة الأزمات. فمن جهة، يجب على السلطة النقدية الحفاظ على مصداقية الالتزام بالمصالح الوطنية الاقتصادية النقدية العليا والتقيّد بالدور المنوط بها دستوريا كسلطةٍ تنظيمية، ضمن الأنظمة والقوانين المرعية. ومن جهة أخرى، يُلقى على عاتق هذه السلطة مسؤولية المشاركة الفاعلة في التصدي للأزمات الاقتصادية الطارئة والقيام بما يلزم لصيانة الأمن الاقتصادي،

بجانبه النقدي المالي على وجه الخصوص، كسلطةٍ تتمتّع بحيّزٍ من الاستقلالية وبالقدرة على المناورة في الاستخدام الفعال والمجدي للموارد المتاحة. وفي هذا السياق، تتمحور المبادرات غير التقليدية للسياسة النقدية حول قضايا حيوية، أهمها:

  1. مساندة الحكومات في خلق الظروف المؤاتية لتحقيق النمو المستدام، وتوفير الإمكانات لإعادة إحياء سوق العمل، وتحصين الأمن الاجتماعي والبيئي والتنمية المستدامة، وصولا إلى إطلاق المبادرات التحفيزية للاقتصاد.
  2. تقديم المبادرات الت تهدف إلى ردم الفجوات الشاسعة في المداخيل والثروات، عبر تطوير اقتصاديات السلع العامة المحلية أو الإقليمية أو العالمية، وتعزيز الاستثمار الاجتماعي الذي ينبغ أن يكون مستداما وذا منفعةٍ اجتماعية ولا يبغي الربح الفوري فقط. فالتحدي يكمن في إيجاد سياسات اقتصادية توائم بين استقرار الأسعار والحماية الاجتماعية.
  3. إيجاد توازن ما بين التمويل الإقراضي والتمويل المساهم، بهدف التخفيف من عبء خدمة القروض وتوزيع المخاطر.
  4. انتهاج السياسات الكفيلة بتطبيق الحداثة عبر مواكبة التطورات المعرفية والتقنية التي تغزو الأنظمة المالية والمصرفية، وتطوير الموارد البشرية للنظام المالي والقطاع المصرفي بناء على ذلك. كذلك السعي لبناء أنظمة دفع آمنة ومتطورة، وتنظيم الآليّات الحديثة لقطاع التقنية المالية (FinTech) المعنية بتقديم الخدمات والعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية. هذا بالإضافة إلى السعي لإقامة نوعٍ من الشراكة التقنية المالية التي تحقّق تكاملا بين القطاعين المصرفي والاتصالاتي بهدف مواكبة التطورات التقنية العالمية في هذا المجال، والتي تؤدي بدورها إلى تعزيز البيئة التنافسية وتخفيض كلفة الخدمات المالية والتخفيف من مشكلة الإقصاء المالي للمستخدمين.
  5. تشجيع ظواهر الاقتصاد الإنتاجي، بعيدا عن آفات الاقتصاد الريعي، وإطلاق المبادرات الهادفة إلى تحقيق التجدد الحضاري عبر تعزيز اقتصاد المعرفة والبناء على رأسماله البشري.

في هذا السياق، اتّجهت سياسة مصرف لبنان خلال العقدين الماضيين نحو توفير المناخ المناسب لإطلاق آليات تحصين الأمن الاجتماعي- الاقتصادي بهدف توفير التمويل للحاجات الاجتماعية- المعيشية للمواطن اللبناني عبر المصارف من جهة، وتمويل المكوّنات الاقتصادية للقطاع الخاص وإعادة تكوين الطبقة الوسطى من جهة ثانية، وتشجيع المشاريع الصديقة للبيئة من جهة ثالثة. في هذا المجال، أطلق مصرف لبنان العديد من المبادرات والتحفيزات المصرفية في مجال التسليف إلى القطاع الخاص، الذي يعتبر بمثابة المحرك الأساسي في عملية تحفيز الاستثمار والمبادرة بمشاريع جديدة وخلق فرص العمل الأكثر تخصصا وكفاءة.

انسجاما مع هذا التوجه، بادر مصرف لبنان خلال السنوات الماضية إلى تقديم التحفيزات المتنوعة للمصارف من أجل الانخراط في برامج تسليفية تجاه القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهؤلاء هم بمثابة المحرك الأساسي في عملية تحفيز الاستثمار والمبادرة بمشاريع جديدة وخلق فرص العمل الأكثر تخصصا وكفاءة. وهدفت هذه التحفيزات إلى الاستثمار في القطاعات الإنتاجية والسكنية والبيئية والتعليمية. وقد نتج عن هذه المبادرات تحفيز النمو عن طريق تحريك الطلب الداخلي، وتأمين مزيدٍ من فرص العمل، بحيث بلغ معدّل قيم الرزم التحفيزية منذ إطلاقها العام 2103 مليار دولار سنويا .

ثالثا، في الشق التنظيم للسياسة النقدية

5للشق التنظيم من السياسة النقدية حصته في رفد التنمية. فالسلطة النقدية لديها هامش واسع من القدرة على إيجاد بيئةٍ تنظيمية حاضنة للنمو والتنمية المستدامين، لما تتمتّع من صلاحياتٍ تنظيمية على صعيد النظام المالي والقطاع المصرفي. من هنا، يمكن للسياسة النقدية ممارسة المهام التنظيمية التالية دعما للتنمية:

  1. تحصين الاستقرار المالي من خلال تأمين إطارٍ تنظيم ورقابي عصري وحصين يضمن سلامة النظام المالي والقطاع المصرفي، بما يتناسب مع المعايير والقوانين المالية الدولية، حفاظا منه على الثقة في هذا النظام.
  2. تعزيز مبادئ الحوكمة المؤسساتية والإدارة الرشيدة في المصارف المركزية والقطاع المصرفي ككل، وفي مقدّمتها الشفافية والمساءلة، لما لها من أثرٍ على مكافحة قضايا الفساد وتحقيق أعلى درجات الكفاءة في النظام المالي.
  3. تعزيز الثقافة المالية لدى المستهلك كي يدرك حقوقه وواجباته ويقيّم المخاطر في سبيل اختياره للخدمات الملائمة لحاجاته، إضافة إلى إيلاء الأهمية للابتكار المالي وحماية المستهلك. بذلك يتأمن الوصول للخدمات وملاءمتها لحاجات المستهلك عبر تحسين الشفافية في عرض الخدمات المالية وإزالة القيود والحواجز المفروضة. وكل هذا يصب في تعزيز الاشتمال المالي، بحيث يتمكن كل مواطن من الوصول إلى مصادر التمويل بأقل الأكلاف.

وقد انكبّ مصرف لبنان على إنشاء بنيةٍ تنظيمية متطورة ومحصنة تجاه المخاطر المحدقة بالقطاع المالي المصرفي، إدراكا منه أن هذه البنية التنظيمية ضرورية لحماية الأمن الاجتماعي، نظرا للدور الحيوي الذي يلعبه القطاع المالي المصرفي في توفير الحاجات الاجتماعية- الاقتصادية وتحريك الدورة الاقتصادية. انطلاقا من هذه الرؤية، قام المركزي باعتماد المبادرات التالية على مدى العقدين الأخيرين:

أ. تنظيم القطاع المالي المصرفي وتطويره

لقد قام مصرف لبنان بتنظيم وتطوير نظام مصرفي موثوق يتميز بتقيّده الصارم بالمعايير والمواصفات الدولية المصرفية والمحاسبية. وقد أثبت هذا النظام صوابيته من خلال تمكنه من مواجهة المصاعب التي عصفت بالاقتصاد اللبناني. وقد شملت عملية التنظيم والتطوير العناوين التالية:

  • تشجيع المصارف على التسليف المتوسط الأجل وعلى تطوير المهنية اللازمة لتفعيل التسليف إلى القطاع الخاص. فابتداء من العام 2009، ولأول مرة في تاريخ لبنان المالي، فاقت تسليفات المصارف إلى القطاع الخاص تسليفاتها الى القطاع العام بقدرٍ مهم، مما يشكل تغييرا نوعيا في العمل المصرفي. وقد شهد التسليف إلى القطاع الخاص ارتفاعا سنويا بنسبة خمسة بالمئة في أواخر العام 2017، بحيث بلغ أكثر من 61 مليار دولار مقابل حوالي 34 مليار دولار للقطاع العام في أواخر العام 2017.
  • التشديد على تطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة والتحكّم بالمخاطر وحماية المستهلك. وتندرج هذه المقاربة الهادفة إلى زيادة الشفافية وتعزيز الإدارة الرشيدة ضمن الأهداف الرئيسية لسياسة مصرف لبنان الذي أنشأ لهذه الغاية وحدة الإدارة الرشيدة، ووحدة حماية المستهلك لدى لجنة الرقابة على المصارف. ويتمّ هذا كله بالتوازي مع إيجاد الوعي المناسب لدى المستهلك المالي.
  • تنظيم قطاع المصارف الإسلامية وإصدار التعاميم الخاصّة بإدارتها وعملياتها بموجب الصلاحية المعطاة لمصرف لبنان. فمن جهة، أصدر مصرف لبنان تعميما خاصا بالإدارة الرشيدة في المصارف الإسلامية، ومن جهة أخرى، أصدر تعاميم ترعى بشكل محدّد العقود الخاصة بالمصارف الإسلامية، وه المرابحة، والمشاركة، والمساهمة، والإجارة، وعمليات الاستثمار بالمضاربة، وبيع السلم، وبيع السلم الموازي، والاستصناع، والاستصناع الموازي.
  • تشجيع انتشار المصارف اللبنانية في الخارج عن طريق وضع الأطر والمعايير المناسبة لهذا التوسع، بحيث بلغ عدد فروع المصارف اللبنانية في الخارج 72، موزعة على 24 دولة.
  • المشاركة في تطوير الأسواق المالية وأسواق رأس المال، حيث أُنشئت لهذه الغاية هيئة الأسواق المالية بغية إيجاد توازنٍ ما بين التمويل الإقراضي والتمويل الرأسمالي. وتستعد الهيئة خلال الفصل الثاني من السنة الحالية لإطلاق منصة إلكترونية لتداول جميع الأوراق المالية، لتكون على صلةٍ مع العالم أجمع.

ب. الحفاظ على سلامة النظام المالي – المصرفي من المخاطر

لقد أثبت مصرف لبنان بواسطة وحداته المختصة قدرته وتصميمه على مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد سلامة النظام المالي المصرفي من خلال الإجراءات التالية:

  • الحرص على سيولة مرتفعة لدى المصارف وتشجيع تدفق الودائع باتجاهها، مما يمكّن الاقتصاد اللبناني من الاستمرار بتمويل حاجاته. فهذه السيولة تعتبر أساسية للنمو ولإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي بعد انتهاء الأزمات السياسية والأمنية. إن المحافظة على هذه السيولة تتم من خلال التمسك بالنموذج المصرفي المحافظ والابتعاد عن المضاربة، بالإضافة إلى مواكبة مصرف لبنان الدائم للأسواق لإدارة السيولة بالليرة أو بالعملات الأجنبية، بغية الحفاظ على الثقة في نظام لبنان المالي.
  • تدعيم رسملة المصارف اللبنانية بما يفوق متطلبات بازل 3، من أجل إبقاء المصارف منخرطة في العولمة المصرفية، حيث تجاوزت نسبة الملاءة لديها مستوى الـ 10 بالمئة المطلوب عالميا، لتصل تدريجيا إلى 15 بالمئة حاليا، مما يساهم في تحصين القطاع المصرفي اللبناني. كما شدّد مصرف لبنان أيضا على نوعية الأموال الخاصة للمصارف، حيث منح الأفضلية لكل ما له علاقة بالأموال الخاصة السائلة. أما الهندسة المالية الأخيرة، فقد دعمت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، وحشدت القاعدة الرأسمالية للمصارف، بما يخدم مواجهة مخاطر الائتمان.
  • اتخاذ جميع التدابير الاحترازية للتحوّط من مخاطر التسليف، باعتماد سياسات تسليفية تراعي ما بين الغاية التسليفية للقروض وإدارة المخاطر. فوُضعت ضوابط على التسليف، لا سيما العقاري منه، لمنع حصول فقاعة عقارية، وكذلك على الأسهم والسندات المحلية والدولية لحماية المصارف والمستثمرين من التقلبات المفاجئة والحادة في الأسواق الخارجية. إضافة إلى ذلك، اتُخذت تدابير للحد من الانكشاف على الأدوات المالية السيادية التي لا يملك مصرف لبنان السيطرة الكلية عليها، حيث تم عام 2004 تنظيم تعاطي المصارف بالمشتقات المالية وإخضاعها للترخيص المسبق من قبل المجلس المركزي لمصرف لبنان.
  • الفصل بين أعمال المصارف التجارية ومصارف الاستثمار، لحماية أموال المودعين وتجنّب استخدامها في استثمارات مرتفعة المخاطر. فمصارف الاستثمار يجب أن تقوم بدورها كأداة للتنمية الاقتصادية ورسملة القطاع الخاص وتأمين السيولة عبر التداول بالأسهم والسندات، مما يساعد في تغيير الطبيعة التمويلية للمؤسسات اللبنانية، التي ترتكز أساسا على المديونية.
  • عدم السماح بإفلاس أي مصرف وتشجيع عمليات الاندماج بين المصارف، في إطار سياسة مصرف لبنان الحريصة على منعة هيكلية النظام المصرفي وسمعته، لما يشكّله هذا الإفلاس من تهديدٍ واهتزازٍ للأمن الاقتصادي الاجتماع . يهدف الثبات على هذه السياسة إلى إرساء الثقة لدى المودعين واستقطاب التحاويل، في الوقت الذي شهدت فيه هذه المصارف نموا مهما في الودائع والموجودات، بلغ حوالي سبعة بالمئة وأربعة بالمئة على التوالي في العام 2017 ، وبلغت التسليفات حوالي 95 مليار دولار في أواخر العام 2017، في حين ما زالت المصارف تحافظ على ربحية مقبولة مع نمو بسيط.
  • الحرص على تنظيم المؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة والصرافة وصناديق الائتمان وتطبيق الرقابة ومعايير الوضوح والشفافية عليها، لضبط عملياتها وتحسين نوعيتها، وذلك بهدف تحصين النظام المالي برمّته. وهذا ما من شأنه حماية مصالح زبائنها والتشدد في تطبيق قواعد مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مما يجعل تحويل الأموال غير الشرعية عبر القطاع المالي أمرا في غاية الصعوبة.
  • الالتزام بمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة التهرب الضريبي، مما يبقي لبنان على الخارطة المالية العالمية. في هذا الإطار، تم إنشاء وحدة الامتثال في مصرف لبنان ووحدات امتثال لدى المصارف والمؤسسات المالية لمراقبة حسن امتثالها لهذه القوانين والأنظمة.
  • تنظيم المركزي للأعمال المصرفية الإلكترونية وتوفير منصة آمنة لتقديم الخدمات الإلكترونية في القطاع المالي اللبناني، وتأمين نظام دفع مح لي آمن ومتطوّر، في إطار حماية القطاعين المصرفي والمالي من مخاطر النشاطات الجرمية والجرائم الإلكترونية والخلل الوظيفي.

III. آثار مبادرات مصرف لبنان على الأمن الاجتماعي الاقتصادي البيئي

أولا ، آثار البرامج التحفيزية على الأمن الاجتماع

أدّى توفير القروض الميسرة للقطاعات الإنمائية والسكنية والتعليمية إلى تعزيز فرص التعليم لأكثر من عشرة آلاف طالب عن طريق توفير قروضٍ تعليمية بفائدة لا تتجاوز ثلاثة بالمئة، فضلا عن المساهمة في تأمين الاستقرار الاجتماع والعيش الكريم عن طريق توفير المسكن لأكثر من مئة ألف عائلة.

ثانيا ، آثار البرامج التحفيزية على الأمن الاقتصادي

في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمن الذي ساد خلال السنوات السابقة وضعف الطلب الخارج على الاقتصاد اللبناني، تهدف البرامج التحفيزية إلى إعادة تكوين الطبقة الوسطى وتحسين مستوى المعيشة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين. فقد أفضت هذه التحفيزات إلى آثارٍ إيجابية على صعيد الطلب الداخلي، إذ ثبت أن أكثر من 50 بالمئة من النمو الإسمي المحقّق منذ إطلاق الرزم التحفيزية في العام 2103 يعود إلى آثار هذه الرزم. وقد ساهم تطوّر القطاع المصرفي وانتشاره واستفادته من تحفيزات المركزي في تعزيز الشمول المالي للمجتمع اللبناني، الذي بلغ نسبة 47 بالمئة مقارنة بـ 18 بالمئة في الدول العربية.

كذلك تمّ توسيع رزم الحوافز لتشمل المؤسسات الصناعية المصدرة، حيث تصل قيمة القرض الواحد مليوني دولار، بغية تحسين الميزان التجاري للبنان. بالإضافة، شملت الحوافز دعم الإنتاج اللبناني للأعمال الفنية لتمكينها من تمويل هذا الإنتاج على المديين المتوسط والطويل، نظرا لأهمية هذا القطاع في تأمين فرص العمل وحاجته إلى التطوير. وبادر مصرف لبنان إلى تأمين قروض بفوائد مخفضة لإنشاء مرائب جماعية للعموم بهدف تأجير مواقف للسيارات.

وفي إطار تحصين الأمن الاقتصادي، لم يغب بُعد التنمية البشرية ومراكمة الرأسمال البشري عن رؤية مصرف لبنان ومشاريعه، باتجاه إطلاق نهضة تنموية ونقل الاقتصاد إلى اقتصادٍ إنتاج مبني على المعرفة، خاصة أن إحدى أهم ميزات لبنان التفاضلية هي موارده البشرية وطاقاته العلمية. لذلك قام مصرف لبنان بإطلاق مبادرتين تقضيان بإنشاء مخيمات الإعداد والتحفيز  ( boot camps ) لتشجيع الطلاب أصحاب الأفكار الخلاقة بغية تطويرها إلى مشاريع عملية. هذا بالإضافة إلى فرص التدريب الت يتيحها مصرف لبنان للطلاب الجامعيين، والمنشورات التي يصدرها لنشر الثقافة المالية في أوساط المواطنين، والأوراق البحثية وورش العمل المنشورة على الصفحة الإلكترونية لمصرف لبنان.

كذلك بادر مصرف لبنان إلى تأمين موارد الرسملة لقطاع اقتصاد المعرفة والشركات الناشئة، بابتكار هندسة مالية تضع بتصرّف هذا القطاع نحو 600 مليون دولار بهدف دعم جهود الابتكار والإبداع في أوساط الشباب بشكلٍ خاص وبمساهمةٍ من المصارف. وقد تمّ توظيف أكثر من 400 مليون دولار في هذا القطاع حتى الآن، والذي يُعتبر قطاعا واعدا للبنان، كما القطاع المالي وقطاع النفط والغاز. والجدير ذكره أنه يوجد حاليا في السوق اللبنانية ما يقارب ال 800 شركة ناشئة، وأن القطاع قد خلق 8000 فرصة عمل، وأضاف الى الثروة الوطنية ما يقارب المليار ونصف دولار. ويتطلع مصرف لبنان إلى نمو في هذا القطاع ما بين سبعة وتسعة بالمئة سنويا خلال الثلاث سنوات المقبلة. ويهدف التعميم الى تحفيز آليات تأسيس شركات جديدة في لبنان، والتي  قد تتحوّل في المستقبل الى شركات مساهمة قابلة لإغناء الاقتصاد الوطن وتوفير فرص عمل جديدة وتعزيز عمل السوق المالية.

ثالثا ، آثار البرامج التحفيزية على الأمن البيئي

وفي الشأن البيئ ، شكلت حوافز مصرف لبنان فرصة لإطلاق المشاريع الت تحافظ على بيئة قليلة التلوث، فضلا عن مشاريع الطاقة البديلة. فهذه المشاريع لا تقتصر إيجابياتها على صحة المواطنين فحسب بل لها منفعة اقتصادية في تأمين وفرٍ في كلفة الطاقة على ميزانية الأسر والمؤسسات والدولة. وقد تجاوز مجموع القروض البيئية من خلال الآلية الوطنية لتمويل مشاريع كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة والأبنية الخضراء ( NEEREA ) والمبادرة البيئية اللبنانية (LEA) 690 مليون دولار.

كذلك دأب مصرف لبنان على حث المصارف على احترام المعايير البيئية الدولية لدى قيامها بدراسة وتقييم المشاريع المعروضة عليها للتمويل. ومن المبادرات البيئية التي قام بها مصرف لبنان أيضا إنشاء “السطح الأخضر” في مركزه الرئيسي في بيروت، وهو مشروع ريادي في لبنان والمنطقة، ويؤمل أن تعتمده المؤسسات في القطاعين العام والخاص، باعتبار أن استحداث الحدائق في المدن بات أمرا في غاية الصعوبة.

IV. الخلاصة

في الخلاصة، عودا على بدء، إن الداء الذي أصاب الحضارة الإسلامية العربية وأدى إلى انتكاسها هو في جوهره يتصل بترهّل واستنزاف الرأسمال الاجتماع والبشري للمجتمع ومنظومة حكمه. ورأس المال هذا هو بالذات الذي يضع مصرف لبنان نصب عينيه المساهمة في صيانته وتنميته من خلال إجراءاته ومبادراته التنفيذية والتنظيمية. وهذه المبادرات نطمح أن تلاقيها وتتكامل معها وتراكم عليها مبادرات أخرى من كافة الفرقاء المعنيين بالأمن الاجتماعي للبنان، من أجهزة حكومية وقطاعات اقتصادية وطاقات علمية ثقافية وفعاليات المجتمعين الأهلي والمدني، لأن النهضة الاجتماعية تحتاج لتضافر جهود كل هذه الأطر. ونحن على ثقة أن هذه الجهود قد انطلقت كي تستمر وترتقي في صناعة مستقبلٍ عنوانه نهضة الوطن وكرامة المواطن.

4

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المنظمة العالمية للمناطق الحرة تعلن استضافة الصين مؤتمرها الدولي العام المقبل

أعلنت المنظمة العالمية للمناطق الحرة، عن استضافة الصين فعاليات الدورة الحادية عشرة من المؤتمر الدولي ...

أسواق الأسهم في الشرق الأوسط تواجه عدم اليقين

تحليل الأسواق اليوم عن جورج بافل، مدير عام Naga.com منطقة الشرق الاوسط ٥ نوفمبر ٢٠٢٤ شهد سوق الأسهم السعودي ...

مستقبل مؤشر الدولار (DXY) بين التقلبات الانتخابية وقرارات الفيدرالي: هل يصمد أمام التحديات السياسية والاقتصادية؟

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com يشهد مؤشر الدولار الأمريكي حالة من ...