افتتح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المهندس غسان حاصباني صباح اليوم ملتقى صحّة المستقبل Future Health الذي انعقد في فندق هيلتون متروبوليتان وتنظمه وزارة الصحة بالاشتراك مع مجموعة الاقتصاد والأعمال. واستقطب الملتقى أكثر من 200 مشارك في مقدّمتهم ممثلون من السلك الدبلوماسي ومن بعض الوزارات، إضافة إلى قادة ومسؤولين في مختلف مكونات القطاع الصحي.
تحدّث في جلسة الافتتاح نائب رئيس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني ورئيس مؤسسة “ايدال” المهندس نبيل عيتاني ورئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي. واستهلّ بالوقوف دقيقة صمت حداداً على الناشط الإنساني حنا لحود.
الوزير حاصباني
وفي كلمته الإفتتاحية قال الوزير حاصباني: “منذ أقلّ من خمسمئة يوم، تسلمنا مهامنا الوزارية، ومنذ أقل من ثلاثمئة يوم أطلقنا استراتيجية صحة 2025، واجتزنا أشواطا في تنفيذ المرحلة الأولى منها والتي تضمنت تطوير النواحي القانونية والإجرائية للتغطية الصحية الشاملة، وإطلاق الصحة الرقمية، وخطة الطوارئ وتطبيقات وحملات سلامة الغذاء بعيداً عن الأضواء الإعلامية وحفاظاَ على سمعة المؤسسات الملتزمة. ووضعنا حوافز للمؤسسات الاستشفائية لتعزيز العناية الفائقة حيث لمسنا زيادة بعدد الغرف، ودفعنا قدماً بتأمين التمويل لتطوير الطوارئ في المستشفيات الحكومية ودعم مراكز الرعاية الصحية الأولية من البنك الدولي والصندوق الاسلامي، ودعمنا قطاع الأدوية في سلسلة من الإجراءات تدعم الصناعة المحلية والصيادلة وسلامة الدواء كما قمنا بإطلاق الخدمات الرقمية لتقديمات الوزارة لتسهيل حياة المواطن وتعزيز الشفافية”.
وفي سياق دعم الصناعة الدوائية، لفت الوزير حاصباني إلى أنه تم التوقيع من قبل وزارة المال على إعفاء المواد الأولية لصناعة الأدوية في لبنان من الضريبة على القيمة المضافة مهنئًا العاملين في هذا المجال.
وتابع: “إن وزارة الصحة العامة عمدت في خلال الخمسمئة يوم على تسليط الضوء على العوامل الخارجية المؤثرة على الصحة وكلفتها والتي نتجت عن الفساد والإهمال الإداري وعلى الحكومة العمل على تصحيحها، منها أزمة النفايات التي لم تعالج بالشكل الصحيح حتى الآن، كما طالبنا وما زال الحرق العشوائي والمكبات منتشران على كل الأراضي مما يؤثر على زيادة الإصابة بالأمراض السرطانية وغيرها التي أصبحت مكلفة جداً للدولة وللمواطن على المستوى الإنساني. وهذا أمر مدمر للمجتمع”.
ولفت “إلى أن المعركة التي تم خوضها لضبط الهدر على كل المستويات من أجل تأمين تمويل مناسب للتغطية الصحية في لبنان بدأت أولاً بضبط الكلفة داخل القطاع الصحي بتعزيز الرقابة المستقلة على دخول المستشفيات ووضع البروتوكولات لوصف الأدوية وتقليص الاستثناءات والكلفة الدوائية. أما خارج وزارة الصحة فالتخفيف من الهدر الكبير يمكن أن يساهم في تمويل قيمة دعم لصحة اللبنانيين، فعلى سبيل المثال، العجز المالي في تغطية الاستشفاء والدواء سنوياً يوازي شهرًا واحدًا لدعم الكهرباء، لذلك أصرّينا من اليوم الأول على حل أزمة الكهرباء في إطار مؤسساتي ينهي الحاجة للدعم ويؤمن الخدمة للمواطن بأقل كلفة”.
وقال: “حرصنا على الالتزام بالإجراءات الصحيحة من دون توجيه الاتهام بالفساد لأحد، لكن هناك من اعتبر انه هو المعني بهذا الامر وراح يقوم بحملات ليبرر أعماله لنفسه فطبق المثل القائل “من يبرر نفسه قبل الاتهام فهو يعلن عن ذنبه”.
وأضاف الوزير حاصباني “أن إنفاق الدولة في لبنان على القطاع الصحي ما زال دون المعدلات الموجودة في الدول المتطورة، أما الانفاق من جيب المواطن فما زال عالياً”. وقال: لقد عملنا بجهد كبير على تدارك المخاطر والتي لا تعدّ ولا تحصى… فأصدرنا برنامج التغطية الصحيّة الشّاملة للشرائح التي لا تستفيد من أيّ تغطية أخرى، وأتبعناه بمسألة الحرص على تأمين الدواء، ومنع احتكاره، وتعميم الفوائد المتوخاة”.
وتابع وزير الصحة العامة: “إنّ مشاريع التنمية المستدامة، لن يكتب لها النجاح ولن تؤتى ثمارها المرجوة، إلاّ من خلال مخطط صحي مرن يضع حياة الإنسان في رأس أولوياته. ورأى أنّ استثمار الدولة في الميدان الصحي، يعتبر مجديا على الاجيال الحالية والمتوسطة والبعيدة. ويجب أن يأتي في طليعة القائمة. وهو يوازي وفي بعض الأحيان يفوق بأهميته الاستثمارات العامة في القطاعات الأخرى، اقتصادية أو أمنية أو اقتصادية. فما فائدة تلك المشاريع واستثماراتها، إذا لم يكن هدفها خدمة الإنسان أولا؟ فإن لم تتوفر الخدمات الطبية والرعائية صون صحة الإنسان، والاعتناء به، فستغدو كلّ تلك الاستثمارات المذكورة بلا مردود وبلا هدفية. لأنّ الإنسان محورها، ولأنّ الصحة هي ألف باء حياة الإنسان من المهد إلى اللحد”.
ونوه الوزير حاصباني “بأنه بالرغم من كل هذه التحديات، فإن لبنان حلّ في عام 2017 في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط من ناحية الخدمات الصحية، وفي المرتبة الثانية والثلاثين عالميًا. وأوضح أنه كان يستخدم عبارة حلول لبنان في المرتبة الأولى عربيًا، إنما تم التأكد اليوم أنه بات في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط لأنه تخطى في الخدمات المقدمة، تلك المقدمة في فلسطين المحتلة”.
عيتاني
ثم تحدّث رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “إيدال” المهندس نبيل عيتاني وقال: “ينعقد هذا المنتدى في وقت يستعد لبنان خلاله للدخول في ورشة جدّية تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال فيه وكلنا أمل في ان تساهم الجهود المبذولة من الحكومة اللبنانية والرؤية الاقتصادية الجديدة التي طرحتها والتي انعقد على اساسها مؤتمر سيدر1، في تعزيز ثقة المجتمع الدولي اكثر فأكثر بلبنان، وقطاع الاستشفاء هو من القطاعات التي تم تخصيصها بجزء من القروض باعتباره واحدا من البنى التحتية الرئيسية”.
وأضاف عيتاني: “يتمتع لبنان بالعديد من المقومات الواعدة وبالجهوزية ليكون قاعدة للسياحة الاستشفائية في المنطقة بفضل البنية التحتية الصحية والموارد البشرية المتخصصة وانتشار مراكز الطبابة والعناية الصحية بشكل كثيف. وهو ما اتاح للبنان احتلال المراتب الأولى بين دول المنطقة في مجال الاستشفاء، ما جعل نسبة المرضى الأجانب الذين يزورون المستشفيات اللبنانية ترتفع لتصل إلى 20 في المئة من مجموع المرضى في العام 2017، وتشير التوقعات إلى نمو الانفاق الصحي والاستشفائي في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 4.2 في المئة بين عامي 2015 و2020. وبالارتكاز إلى السمعة الجيدة محليا وإقليميا وعالميا، نرى ان هناك مجالات واعدة في العديد من القطاعات الفرعية ذات الصلة”.
وتابع عيتاني: “الخدمات الصحية المرتكزة على التكنولوجيا الحديثة تشهد اقبالا كبيرا اليوم، مدعومة بتوافر الموارد البشرية الكفوءة والتعاون القائم مع الأسواق والقطاعات الأخرى. ومن هذه الخدمات التكنولوجيا الحيوية Biotech، التي تٌعتبر واعدة للغاية في منطقتنا خصوصا ان شركات التكنولوجيا الحيوية المتعددة الجنسيات تبحث عن فرص في الشرق الأوسط، ومنها من بدأ بتصنيع منتجاته فيها، مع ارتفاع الطلب على هذا النوع من المنتجات. وهذا القطاع، الذي يستوعب عددا كبيرا من الشركات الناشئة والصغيرة، يُعتبر مجالا خصبا للابتكار وريادة الأعمال. ووحدة مساندة الأعمال التي استُحدثت في الفترة الأخيرة في ايدال بهدف مساندة ومواكبة الشركات الناشئة وتأسيس اعمالها في لبنان، مستعدة لدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية وربطها بالشركات الكبرى العاملة في قطاع الصحة. وهناك ايضا البوابات الصحية E-Health portals التي بدأت تلاقي رواجا في لبنان والمنطقة والتي توفر وسيلة مهمة للوصول إلى المعلومات والبيانات الصحية”.
أبو زكي
وكان الرئيس التنفيذي في مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبوزكي قد استهل الملتقى بكلمة قال فيها: “استقطب القطاع الصحي في لبنان في مختلف مجالاته الاستشفائية والدوائية والتجهيزية، استثمارات كبيرة معظمها لمستثمرين لبنانيين. ولولا جدوى الاستثمار هذا لما أقبل عليه أصحاب الرساميل. وانعقاد هذا الملتقى في بيروت هو في جزء منه بمثابة تقدير لهذه المؤسسات الصحية وتحفيز لأصحاب الرساميل لمزيد من الاستثمار في هذا القطاع. وإقبال القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعة الصحية لم يقتصر على لبنان، بل أنه امتد ليشمل معظم البلدان العربية وغير العربية. وعليه، فإن هذا المؤتمر هو مؤتمر للاستثمار الصحي بقدر ما هو مؤتمر للصناعة الصحية نفسها ودعوة لمزيد من الاستثمار في هذا القطاع بل ودعوة لإقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص وخصخصة المؤسسات الحكومية الصحية واخضاعها لسياسات ورقابات دقيقة وموضوعية”.
وأضاف أبو زكي: “إنّ وجود مئات المستشفيات الخاصة والمتخصصة، ووجود عشرات مصانع الأدوية في لبنان والأردن والسعودية والجزائر والمغرب ومصر وغيرها، يدفعنا لدعوة الحكومات العربية لإعادة النظر في سياساتها الصحية أولاً لخلق مناخ محفز للاستثمار الصحي وثانياً للابتعاد عن دور المالك والمدير والاكتفاء بوضع السياسات وتعزيز المراقبة بما يضمن مستوى الخدمات وبأكلاف متدنية نسبياً”.
وقال أبو زكي: “إن مجالات الاستثمار والتصدير في الصناعة الصحية واسعة ومتعددة ويجب التشجيع في هذا الاتجاه بحيث تتخلى الدول عن الادارة المباشرة لهذه المؤسسات أو عن الاستثمار في هذه المؤسسات إلا في المجالات التي يحجم عنها القطاع الخاص. وعلى لبنان استثمار سمعة خدماته في المؤسسات الصحية لاسيما الاستشفائية منها، إذ أن لبنان كان ولا يزال يلعب دور “مستشفى الشرق” لاسيما بالنسبة إلى بعض دول الجوار مثل سوريا والعراق. وهو مؤهل لاستعادة وتوسيع هذا الدور ليشمل معظم دول المنطقة. وكل ما يحتاجه إلى استقرار أمني وسياسي وإلى استثمار مكثف في التجهيزات والمعدات وفي خدمات الاستشفاء والتمريض والتشخيص”.
الجلسة الأولى
وتابع الملتقى أعماله حيث تناولت الجلسة الأولى عرضاً مفصلاً لإنجازات وزارة الصحة العامة في 500 يوم والاستراتيجية الصحية 2025 والتطلعات المستقبلية للأيام الـ2500 المقبلة.
أدار الجلسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني وتولّى المدير العام لوزارة الصحة د. وليد عمار ورؤساء الدوائر عرض المنجزات المحققة كل ضمن اختصاصه.
وقد تم عرض لمشروع التغطية الصحية الشاملة والبطاقة الصحية، وتطوير الخدمات الاستشفائية في المستشفيات الحكومية والشراكة مع المستشفيات الخاصة في هذا السياق ومع مؤسسات استشفائية عالمية. كما جرى التطرق إلى موضوع الأمن الصحي ومكننة عمل الوزارة لمحاربة الفساد وزيادة جدوى وفعالية اداء الوزارة والخدمات التي تقدمها لما له من أثر إيجابي على صحة المواطنين.
وتناولت الجلسة موضوع الدواء وإنجازات الوزارة في مجال التسعير وتأمين الأدوية للأمراض المستعصية وتمكنها من تخفيض كلفة هذه الأدوية بالحوار المباشر مع شركات الأدوية. وفي مجال التجارب السريرية تم استعراض آخر المستجدات في هذا المجال ودأب الوزارة على التأكد من الممارسات السليمة في هذا المجال ومواكبة عملية تقدم لبنان بالطلب إلى منظمة الصحة العالمية للانضمام إلى السجل في ما يخص التجارب السريرية. كما تم التنويه بدور الإعلام اللبناني في مواكبة الوزارة ونشاطاتها والتعريف بالإنجازات الحاصلة في القطاع الصحي والاستشفائي في لبنان مع الحرص على تقديم المعلومات بدقة بعيداً عن السبق الصحفي الذي يكون مغلوطاً أحياناً ويفتقر إلى معلومات دقيقة.